رياض الزهراء العدد 216 هندسة الحياة
بداية جديدة
عنوان جديد، وبداية لفكرة مستوحاة من متاهات الحياة التي قد توصلنا أحيانا إلى الشعور بالضياع، وعدم معرفة أي خيار ننتقي، وأيهما نترك. كثيرا ما نحتاج إلى إعادة ترتيب أوراقنا، وتنظيم أمورنا بعد موجات متلاطمة من الأعمال والمضايقات الحياتية، سواء في العمل أو في البيت، حتى عن طريق تصفحنا لمواقع التواصل الاجتماعي، فكل ما نراه أو نسمعه يترك أثرا فينا، شئنا أم أبينا، ومثلما تحتاج الأشياء والمقتنيات إلى نفض الغبار عنها بين الحين والآخر، فكذلك أنفسنا وأذهاننا تحتاج إلى نفض تلك التراكمات، وطرحها أرضا لننطلق بخفة وراحة نحو المستقبل الآتي. تفتح البداية الجديدة الأبواب على مصراعيها أمام إمكانات وقدرات من الله (عز وجل) بها علينا، وهي قابعة في زوايا حياتنا، وتنتظر من يستثمرها وينميها، ويجعلها في دائرة التنفيذ بدلا من الخمول والانتظار، فقد تكون على صورة انتقال إلى عمل جديد، أو منطقة أخرى، وربما كانت نهاية علاقة، أو خسارة شخص عزيز، أو التعرض لموقف مرير نظن أنه لن يمر ولن ينتهي، وفي كل الأحوال ستغير تلك الأمور مسار حياتنا، وتجعل لنا نقطة جديدة للانطلاق وتحديد الوجهة الجديدة. فلنتخيل سويا أننا أمام مفترق طرق، ومطلوب منا أن نحدد الوجهة بأنفسنا وبدون مساعدة المحيطين بنا، في تلك اللحظات سنشعر بمسؤولية اتخاذ القرار الصائب، وتحمل كل تبعاته ونتائجه؛ لذا يجب علينا التمييز بين الفرص التي تمثل تغييرا إيجابيا ملحوظا في حياتنا، وبين المخاطر التي تشكل التحديات والمواقف الصعبة التي من الممكن أن تؤدي إلى نتائج سلبية تعيق التقدم والنمو. ومن الجدير هنا الإشارة إلى أنه من الممكن أن تكون الفرص محفوفة بالمخاطر، مثلما أن المخاطر قد تحمل في طياتها الكثير من الفرص، ويعد الفاصل والمعيار في الاختيار هو امتلاك القدرة على التمييز بين القرارات، وانتقاء الأفضل للوضع الراهن. ومن تلك الفرص المؤاتية للجميع والتي تشكل مفترق الطرق، شهر رمضان الكريم الذي دعينا فيه إلى ضيافة الله سبحانه وتعالى، فكل لحظاته فرص متاحة لنا، كل بحسب استثماره لتلك الفرصة، وكم سيغرف منها لسعادة الدنيا والآخرة، ومثلما روي عن رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله): "شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات"(1)، فالسعيد من استطاع أن يضع نقطة لنهاية مرحلة من التخبط والضياع، وكتابة أول حرف في صفحة بيضاء من مرحلة جديدة تكون اغتناما لتلك النفحات الروحانية، وتلك هي البداية الجديدة. .................................... (1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج2، ص265.