صحوة الفجر

علا حسين العامريّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 5

أبي، يا أبا الأيتام: إنها ساعات الفجر الأولى حين غمرتني تلك الرغبة الملحة لرؤيتك، إذ أضرمت نار الحنين، وشغفت روحي حزنا وفراغا كبيرا استحوذ على فؤادي.. إنها بركاتك، دعواتك، هينمات سجودك، ابتسامتك.. أبي، منذ تلك الليلة وأنا بلا حياة، قد اختلف كل شيء، أعذرني لجرعة الألم التي تقطر من أحرفي؛ لكنني أريدك.. أبي، الجميع هنا يحاول إرضائي، لكن لا جدوى، بينما أنا نفسي لا أستطيع منع ذاتي من العويل والبكاء، فلا أزال صغيرة جدا على هذا الفراق، أعرف أن الأب هو مصدر القوة والدعم بالنسبة إلى ابنته، ولطالما استمددت قوتي من شموخك، وإيماني من صلابتك حتى هذه اللحظة، فقد استيقظت على رؤيا لم أر أجمل منها قط، رأيتك تقرأ على مسامعي تهويدتي المفضلة، وترتل في أذني آيات قبل المنام.. على شفاهك قرأت اسمي، وفي عينيك رأيت طفلة سرقت من أحضان أبيها في صبيحةٍ ما.. وأخذت سبيلها إلى الأرض التي خرجت منها معه، تأمل في أن تجد شيئا يفوح منه ذكراه، أو أن يكون ينتظرها ليأخذها إلى السماء، تحلق بين يديه كحمامة السلام، ثم يأرجحها حتى تعلو ضحكاتها، يغمرها الأمان، الأمان الذي ودعته معك.. لم أستطع أن أخرج نفسي من تحت ركام الفراق مهما حاولت، أشعر كأن طفولتي فارقتني لأرحب بسنين الشيخوخة؛ لشد ما ذرفت الدموع على مدى الطرقات، ويا للغرابة، فكل دمعة تسقط تنبت زهرة متشحة بالسواد حدادا، كأنها تواسيني، كم أخبرتني أمي أن اللقاء سيكون في الدار الآخرة بأبهى حلة من هذه الدنيا، ترى من للأيتام بعدك؟ أيعقل أن تكون الحياة بهذه القسوة على صغارٍ وجدوك وطنا لهم؟!