رياض الزهراء العدد 88 امرأة وحرفة
قُدوَتُهَا السَّيدَةُ فِضَّة (رضي الله عنها)
قال الإمام الصادق (عليه السلام): “..فأحيوا أمرنا، رحِم الله مَن أحيا أمرنا..”(1) من هذا المنطلق دأبت الكثير من النساء في اعتلاء المنبر الحسيني خدمةً منهنّ للدين والمذهب. التقينا في هذا العدد مع السيدة (ناهدة هلال عبد الزهرة) وهي مدرّسة تربوية، اتخذت من سيرة السيدة فضة (رضي الله عنها) قدوة لها وشمعة تُضيء بها دربها في خدمة المنبر الحسيني وأهل البيت (عليهم السلام). ما الذي دفعك إلى التصدي للقضية الحسينية؟ من أهم الدوافع هو حبّ محمد وآل محمد (عليهم السلام)، فهو الذي شجّعني على أن اتخذ هذه الخطوة التي أعدّها من أكرم الفيوضات الإلهية التي حظيتُ بها، والتي جنيت ثمارها في هذا الدنيا، وأتمنّى من الله العزيز أن يكون لها تبعات أُخروية تنقذني بها من الظلمات والذنوب. كيف تقومين بتطوير مهاراتك؟ أقوم بتطوير نفسي عن طريق القراءة المستمرّة، ولديّ مكتبة خاصة تحوي عدداً من الكتب الفقهية، زيادةً على كتب السيرة، والتاريخ، وأحاول عن طريق هذه الكتب زيادة معلوماتي، كما أني متابعة جيدة للمحاضرات الفقهية والدينية؛ لأكون جديرة باعتلاء المنبر الحسيني. ما هي الصعوبات التي واجهتك حينما قررتِ التصدي للقضية الحسينية خصوصاً أن انضمامك كان في زمن النظام البائد؟ لقد واجهتُ صعوبات كثيرة، فأنا مدرّسة، وعند اعتلائي المنبر الحسيني حاول النظام البائد أن يضيّق عليّ بوسائلٍ شتى، وأصبحتْ عيون النظام تراقبني، وترفع ضدّي التقارير، ووضعوني في مفترق طريق بين الاستمرار في الوظيفة أو أن أترك الخدمة الحسينيّة، وأكدّت لهم على أني لن أنتقد النظام البائد، وهدفي هو أن أوضّح للناس مظلوميّة أهل البيت (عليهم السلام) فقط، ولكنّ اسم الإمام الحسين(عليه السلام)يبعث الرعب في عروش الظالمين، فقررتُ أن أختار طريق الخدمة، وقدّمتُ استقالتي، وأنا راضية كلّ الرضا عن اختياري. كيف توظّفين ما قُدّم في يوم عاشوراء من قيم ومعانٍ خالدة في التأثير في الناس من جميع النواحي الأخلاقيّة والدينيّة وغيرها؟ مجلس الإمام الحسين(عليه السلام)ليس للبكاء والنحيب فقط، وأنا لا أقلّل من ثواب ذلك، ولكنّ الحسين(عليه السلام)قُتل من أجل الدين، فيجب الاستمرار على نهج أبي عبد الله(عليه السلام)في المحافظة على أصول الدين، وفروعه، والعمل بتعاليم الإسلام، وبمبادئ الرسالة المحمدية، فلذلك أحرص دائماً على توجيه الناس إلى العمل الصالح، كما أُوصي نفسي أولاً والآخرين بالتوعية الدينيّة، والتمسّك بتعليمات المرجعية الموقرة؛ لأنها السبيل إلى هداية النفس إلى الطريق المستقيم. هل عملك في المجال التربوي يفسح لك المجال في تقديم بعض النصائح للطالبات؟ بعد سقوط النظام البائد، وعودتي إلى السلك التعليمي، وامتلاكنا الحريّة في التعبير عن معتقداتنا، وظّفت هذه الحرية للخدمة، وعلاقتي مع طالباتي متميزة، يسودها الودّ والاحترام، فلن أتوانى في تقديم النصائح لهم، وبخاصة النصائح الدينيّة، والأخلاقيّة، والفقهيّة، وبالذات ما يتعلق منها بأمور الوضوء، وأحكام الصلاة، والطهارة، وممّا يسعدني أن بعض طالباتي توجّهوا إلى دراسة العلوم الإسلاميّة، وأكدّوا لي على أنّ اختيارهم لهذه الدراسة عن طريق تأثيري فيهم. أيّ الخطباء تأثّرت به، وتحبّين الاستماع إلى خطبه؟ أفضّل الاستماع دائماً لعميد المنبر الحسيني الشيخ المرحوم الدكتور أحمد الوائلي، لما تتضمّنه محاضراته القيّمة للكثير من المواضيع المتنوعة والمتشعّبة التي تدلّ على ثقافته الواسعة ووعيه لمشاكل الأمة الإسلامية، ومحاولته حلّها بشكل علمي وموضوعي بعيداً عن الخطابات المتشنجة والمستفزة، كما أحبّ الاستماع إلى محاضرات الشيخ علي الشجاعي، فهي علميّة وموضوعيّة. بماذا تنصحين الجيل الجديد من الخطيبات؟ أنصحهنّ كما أنصح نفسي دائماً بأن يتخذنَ من خدمة السيّدة فضة (رضي الله عنها) لأهل البيت (عليهم السلام) مثالاً يحتذون به، ويجب أن تكون الخدمة خالصة لله كخدمة فضة (رضي الله عنها). إن ثمرة الخدمة انعكست عليها فكست روحها ثوباً طاهراً، وأصبحت لديها ببركات هذه الخدمة توعية دينيّة وفقهيّة وأخلاقيّة، فالذي يركب سفينة الخدمة حبّاً بأهل البيت (عليهم السلام) يجب أن يتحلّى بشمائلهم, والذي يبحث عن الجاه والمال والشهرة عليه أن يسلك طريقاً آخر. ................................... (1) مستدرك الوسائل: ج17، ص234.