أسد الله.. وفاء وفداء

هدى نصر المفرجيّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 413

من بيوت بني هاشم المنيفة، سطع نوره، سيف صارم في بيئة سقطت عليها سجف الشهوات والطغيان، قلوبهم كانت أبعد ما يكون عن معالم النور والهداية، ومن رحمة الله تعالى بعباده ولطفه بهم، ما كان ليعذبهم قبل أن يرسل إليهم من يهديهم، وقد أرسل إليهم خير خلقه وخاتم الأنبياء والمرسلين محمدا (صلى الله عليه وآله)، وجعل له من ذويه سندا، وأنصارا، وفداء، إذ حيكت ضده المكائد، فكان عمه حمزة بن عبد المطلب (عليهما السلام) من هذه السلسلة المباركة التي أتم الله (عز وجل) نور الإيمان في قلوبهم. كان رجلا شامخا، قويا، صلبا، عزيزا، وشمسا تضيء وسط المجتمع الجاهلي، وتمهد الدروب لكثير من القبائل لتدخل في رحاب الإسلام، فشخصية مثل حمزة (عليه السلام) بسيرته العطرة لهو محل ثقة الكثيرين ليبصروا أن طريقه طريق حق وصلاح، فكان مثلما لقبه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بقوله: "أسد الله وأسد رسوله"(1)، كيف لا وهو الذي ذاب في حب النبي (صلى الله عليه وآله)؛ ليكون أحد دروع الصد عن الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله) ضد أذى المشركين، أسد الله وأسد رسوله حمزة (عليه السلام) صنع الأعاجيب، وحير الأعداء، فالبأس الذي انبثق من ابن عبد المطلب كان الحقيقة الخالدة التي مزقت تلك السجف الغلاظ التي رانت على قلوب عباد الشهوات، فما كان منهم إلا أن يتربصوا به الدوائر، متوهمين أن التخلص منه سيضعف عود الإسلام، ومما زاد من الضغينة في قلوبهم أنه قتل أسيادهم، حتى جاءت غزوة (أحد)، إذ خرجت قريش عن بكرة أبيها معها حلفاؤها من قبائل العرب بقيادة (أبي سفيان)، واختاروا (وحشيا) ليتولى أمر القضاء على حمزة (عليه السلام)، ووعدوه بأغلى الأثمان، ألا وهو حريته مقابل قتله حمزة (عليه السلام)؛ لأنه المؤثر الفاعل في تطورات الأحداث في تلك المرحلة، إضافة إلى أن قتله كان بالنسبة إلى (هند بنت عتبة) زوجة أبي سفيان هو الثأر العظيم، فما كان منها إلا التمثيل بجسد حمزة (عليه السلام) مبرهنة على تجرد جبهة الباطل من الرحمة والإنسانية. فاضت روح حمزة (عليه السلام) في دفاعه عن النبي (صلى الله عليه وآله) ودعوته الشريفة بسيفه وروحه الطاهرة، ووقف شامخا وهو يعلن كلمة الحق في الآفاق عبر استشهاده، فهكذا هم الشهداء المدافعون عن الإسلام، فالسلام على أسد الله وأسد رسوله (صلى الله عليه وآله) يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حيا. .................... (1) بحار الأنوار: ج22، ص280.