رياض الزهراء العدد 217 بريد القراء
من الذي سرق تركيزنا؟
كم مرة حصلت معك أن بحثت عن شيء وكان موجودا أمامك؟ كم مرة أمسكت بهاتفك الجوال كي تبعثي برسالة محددة، فتغوصين في عالم الجوال وتغادرين وأنت لم تقومي بالشيء الذي أردته؟ يوما بعد يوم نعيش اللحظات بدون شغف، نقوم بعدة أعمال في آن واحد، لا نستمتع بالأوقات الجميلة، ما الذي يحدث لنا؟ إن المشكلة التي نعاني منها هي قلة التركيز التي طالت الكثير منا، وباتت خطرة على أطفالنا. ما الذي يؤثر في التركيز؟ أولا: الطعام يؤثر بشكل مباشر في الدماغ، فكثرة تناول السكريات ومشروبات الطاقة، تجعل الجسم يصل إلى أعلى طاقته ثم يعود وينخفض، مما يؤثر في الدماغ ويجعل الجسم منهكا. ثانيا: قلة النوم، فالكثير منا يعاني من عدم تنظيم ساعات النوم بسبب السهر على الهاتف الجوال، ومشاهدة المقاطع السريعة التي تلائم تفكير المشاهد، فهناك خوارزميات تعرف ما يحبه الشخص وتظهر له ما يلائمه، مما يجعل الفرد يندمج معها ولا ينتبه إلى الوقت، وبعضنا أصبح لا يتحمل مشاهدة المقاطع فيقوم بتسريع عرضها، وهذه السرعة ترهق الدماغ، مما يجعله يعمل من دون تركيز. ثالثا: القيام بعدة أعمال في وقت واحد، كمشاهدة التلفاز، وقراءة كتاب ما، والتحدث مع الآخرين، وغيرها من الأمور، مما تشتت الدماغ، فتجعل تركيزه أقل، ومتى ما ركز الإنسان في موضوع ما، فإنه يصل إلى مرحلة الإبداع فيه، وهذا ما يسمى بـ(حالة التدفق)، وهي حالة لا يشعر فيها الفرد بالزمان والمكان، مثلما نشاهده عند الرسامين والخطاطين والقراء. كيف نصل إلى حالة التدفق؟ أولا: عبر تحديد الهدف ومعرفة ما نريده. ثانيا: أن يكون الهدف ذا معنى وقيمة. ثالثا: أن نكون قادرين على أدائه. يجب أن نعطي لأدمغتنا فسحة من الهدوء والشعور بالسكينة، ولكي نصل إلى تركيز أفضل، فلنجعل الطعام الصحي أولوية في حياتنا، والنوم أولوية، مع التقليل من مشاهدة المقاطع السريعة، وأن نعيش اللحظات الاجتماعية بدون الهاتف الجوال، وننمي أدمغتنا بين الحين والآخر بالألعاب الفكرية التي تنشط الدماغ. وأخيرا، الحياة جميلة، ولا تكون إلا لمرة واحدة، فلا تعيشيها من دون تركيز.