قباب على وجه الرمال

زهراء سالم الجبوريّ/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 7

بعد رحلة ممتعة في أداء مناسك العمرة، آن الذهاب إلى المدينة المنورة لزيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله)، وقبور أئمة البقيع (عليهم السلام)، تلك الأمنية التي طالما شغلت قلب (مصطفى) البالغ من العمر (10) أعوام، ولطالما سمع عن أئمة البقيع (عليهم السلام)، إلا أنه لم يتشرف بزيارتهم ورؤية قبورهم، فما كانت إلا ساعات معدودة حتى وصل (مصطفى) بخير وسلامة برفقة والديه، فما كان منه إلا أن يستفهم والدته قائلا: - هل وصلنا؟ - نعم، نحن على مقربة من قبورهم (عليهم السلام). فما كان من (مصطفى) إلا أن يلتفت يمينا وشمالا، كأن عينيه تبحثان عن نور لم يجده بعد، فلم يستطع الصبر أن بادر والدته بالسؤال: - أمي، أين قبورهم؟ لم لا أجد شيئا؟ - بني، تلك هي القبور، خلف ذلك السياج. فبدأ (مصطفى) ينقل أقدامه ليرى شيئا، إلا أنه ويا للأسف لم ير شيئا سوى قبور على الأرض، فبدأت علامات الحزن تلوح على محياه، فقالت له والدته: - ما لي أراك حزينا يا صغيري؟ - أمي، لم لا أجد لهم قبة، ومنارة، وصحنا مثلما لأئمتنا في العراق؟ - آه يا ولدي، لقد كانت لهم قباب ومنائر إلا أن الظالمين قد هدموها قصدا. - هدموها! لماذا؟ هل كان الناس يزورنهم مثلنا في العراق؟ - نعم يا حبيب قلبي، يزورونهم، ويجلسون عندهم، ويقرؤون زياراتهم، إلا أن الظالمين ممن عاثوا في الأرض فسادا هدموها، حتى لا نستطيع تقبيل أضرحتهم والجلوس عندهم. - متى هدموها يا أمي؟ - في الثامن من شهر شوال عام (1344هـ). فبدأ (مصطفى) يبصر تلك القرائين الناطقة وهو يتلو زيارتهم واحدا واحدا من خلف السور، فما إن أتم زيارته، قال: - أمي، لماذا لا نبنيها؟ - نعم يا ولدي، سنبنيها إن شاء الله تعالى. - كيف ذلك؟ - نبنيها بالالتزام بمنهجهم، والسير على خطاهم، والتمسك بكل ما جاؤوا به بأفعالنا وأقوالنا، وكذلك سنبنيها مع مولانا صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف). - صدقت يا أمي، أنا كذلك سوف أشارك ببناء القبور أيضا، سأقوم بالالتزام بصلاتي في وقتها، وأساعد أصدقائي في كل شيء، وأفعل كل شيء يرضى عنه سادتي، أنا أحبهم ولا أرضى أن يكونوا غير راضين عني؛ لأن رضا الله سبحانه من رضاهم. - أحسنت يا ولدي، بارك الله فيك، وفقك الله لكل خير، أسأل الله أن يسدد خطاك في طريقهم، ويديم محبتهم في قلبك، والآن هيا نكمل زيارتنا ولأعرفك على سائر القبور وأحدثك عن أصحابها.