رياض الزهراء العدد 218 هندسة الحياة
آخر اهتماماتي
لكل فرد في أي مجتمع كان أفكار، وطموحات، وأهداف خاصة، تتمخض عنها اهتماماته لتنسجم وتتناغم مع أهدافه وأفكاره، وتقوده إلى الطرق والأساليب التي تعينه على بلوغ أهدافه والشعور بالسعادة عبر رحلة الطموحات الحماسية. وإذا سلطنا الضوء قليلا على كلمة (اهتماماتي)، لوجدنا لها أثرا كبيرا، وصوتا مدويا قد يغير مجرى الأمور ويؤثر في حالة الشخص النفسية، وفي مدى رغبته وتحفزه نحو تحقيق الأهداف المرجوة، إذ ربما تكون طريقة تفسيره وتعاطيه مع الاهتمامات هي السبب في عدم بلوغ ما يطمح إليه، نعم، فقد يرتدي ذلك الشخص نظارة اهتمامات الآخرين ويجعلها بوصلة حركته، فيدور في فلك إرضاء كل من حوله، ويحرص أشد الحرص على عدم مخالفة الجميع والبقاء في ضمن القطيع بلا رأي أو شخصية مستقلة؛ كي يكسب حبهم وتقديرهم إياه بحسب اعتقاده، في حين أن الواقع يقول إنه لا شخصية له، إذ أقدم على إذابتها بكلتا يديه، فأصبحت تتلاشى أمام عينيه وهو متشبث بتلك النظارة بكل ما أوتي من قوة. دعونا نسأل أنفسنا: ما الذي جعل هذا الشخص يتنازل عن اهتماماته ويتلاشى أمام الآخرين؟ نجد الإجابة في خط سير حياة الأفراد منذ الطفولة إلى العمر الذي وصلوا إليه، فجميعنا ونحن نقرأ الآن هذه الكلمات أغلب آلامنا النفسية هي بسبب الخوف من نظرة الآخرين وردود أفعالهم تجاه أقوالنا أو أفعالنا، فيكون هذا الأمر هو جل اهتمامنا، وهنا لا أقول إنها غير مهمة، لكنها إذا تجاوزت الحدود الطبيعية للقلق والخوف، فسيصبح الخوف أمرا مرضيا يقيد كل تحركاتنا وأفكارنا؛ لتصب في دائرة مصلحتهم لا مصلحتنا، وهنا يكمن الخطر. إن هذا الخوف أمر متوارث عبر عبارات كثيرة تقال منذ الصغر، من قبيل: ادرس بجد ليقال عنك ناجح، البس جيدا ليراك الآخرون جميلا، وغيرها الكثير، فيكون المعيار هو رضا الآخرين عنا، وهو ما جعل أساسا لحركاتنا وأفكارنا، فأصبح مقياس رضاك عن نفسك مرتبطا برضا الآخرين عنك، وهنا يبرز الدور المهم للأسرة في وضع اللبنات الأساسية لشخصية الإنسان، وذلك عن طريق تغذية أفكار الطفل منذ نعومة أظفاره بأن كل أعمالنا وأقوالنا يجب أن تكون متوجة برضا الله سبحانه وتعالى، فهو سبب التوفيق والعناية الإلهية، وهو المعيار في غاياتنا الكبرى، وليكن رضا الآخرين من آخر اهتماماتنا إن تعارض مع رضا الله سبحانه.