دحو الأرض

رقية حسين التميمي/ كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 55

قال الله العزيز في محكم كتابه الكريم: )والأرض بعد ذلك دحاها( (النازعات:30). (الدحو) لغة من الفعل (دحا) أي البسط والتوسعة(1)، أما اصطلاحا فهو من (دحو الأرض) أي بسطها(2)، ومد الأرض من تحت الكعبة بوصفها أول نقطة برزت من تحت الماء، فقد جاء في الأحاديث الشريفة أن الأرض بعدما كانت غارقة بالمياه التي غمرتها لمدة طويلة الأمد، شاء الله تعالى أن يجعل المنخفضات الأرضية وعاء لهذه المياه بعد أن كانت الأرض مغمورة بها، فتكونت البحار والمحيطات والأنهار، ثم تعلو فوق ذلك حيالها اليابسة والمرتفعات، ومهد الله تعالى الأرض وبسطها لعباده، فكانت مكة أول يابسة ظهرت من تحت الماء، فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "إن الله (عز وجل) دحا الأرض من تحت الكعبة إلى منى، ثم دحاها من منى إلى عرفات، ثم دحاها من عرفات إلى منى، فالأرض من عرفاتٍ وعرفاتٌ من منى ومنى من الكعبة"(3)، وجاء عن أبي حمزة الثمالي في سؤاله لأبي جعفر (عليه السلام) عن المسجد الحرام: لأي شيء سماه الله العتيق؟ فقال: "إنه ليس من بيت وضعه الله على وجه الأرض إلا له رب وسكان يسكنونه غير هذا البيت، فإنه لا رب له إلا الله ـ عز وجل ـ وهو الحرم، ثم قال: إن الله ـ عز وجل ـ خلقه قبل الأرض، ثم خلق الأرض من بعده، فدحاها من تحته"(4)، وننتقل إلى قصة (الأبرش) مع الإمام الصادق (عليه السلام) في معجزة دحو الأرض، فعندما علم (الأبرش) بمكنون علم الإمام (عليه السلام) أحب أن يطرح عليه السؤال الذي أقض مضجعه، فسأله عن قوله تعالى: )أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما((الأنبياء:30) بم كان رتقهما؟ فأجابه (عليه السلام): "يا أبرش، هو كما وصف نفسه، كان عرشه على الماء، والماء على الهواء، والهواء لا يحد، ولم يكن يومئذ خلق غيرهما، والماء يومئذ عذب فرات، فلما أراد أن يخلق الأرض، أمر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا ثم زبدا واحدا، فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا من زبد، ثم دحا الأرض من تحته"(5)، فالحمد لله الذي دحا الأرض وبسطها رحمة للعالمين. .................................... (1) لسان العرب: ج14، ص51. (2) المصدر نفسه. (3) من لا يحضره الفقيه: ج2، ص241. (4) الكافي: ج4، ص189. (5) بحار الأنوار: ج54، ص72.