رياض الزهراء العدد 219 رسالة المرأة
التأصيل الملائم بشأن توزيع المسؤوليات على الطرفين
الموضوع الثاني: حول توزيع المسؤوليات في الأسرة على الطرفين: وتصنف المسؤوليات تصنيفا نوعيا إلى المسؤوليات داخل البيت والمسؤوليات خارج البيت، وقد توزع المسؤوليات نوعا إلى مسؤولية إدارة البيت ومسؤولية الإنفاق على الأسرة، وهذا يختلف بعض الشيء في التصنيف؛ لأن مسؤولية الإنفاق لا تشمل كل المسؤوليات خارج البيت؛ لأن من جملة تلك المسؤوليات هو التسوق بأنواعه، من التسوق النسائي، والرجالي، والبيتي، وكذلك المراجعات الطبية، وغيرها. إذا هناك حاجة إلى إدارة الأسرة في داخل البيت، وهناك حاجة إلى الإنفاق على البيت. ويبدو أن التوزيع المناسب للمسؤوليات بنحو يصلح أن يكون تأصيلا في الحياة الزوجية، يقتضي إيكال مسؤولية البيت إلى المرأة، وإيكال مسؤولية الإنفاق إلى الرجل، فهذا النحو من التوزيع على الإجمال أنسب بالفطرة من حيث خلقة الرجل والمرأة، وأقرب إلى الحكمة، ومن الجائز أن يتفق الطرفان وفق ظروفهما الخاصة على صيغة أخرى، وذلك أن المرأة متميزة في الذوق، واللطف، والعاطفة، والحنان، وهي التي تنجب، وترضع، وتعنى بالطفل، وتلك كلها صفات تؤهلها لإدارة البيت وإعداده، وتجعلها أولى بالرجل، كما أن الرجل أنسب باقتضاءات العمل وظروفه، وأولى بإدارة صرفيات البيت ومقتضياته في الادخار والاستثمار ونحوهما، وليست تلك حالة مطردة مائة في المائة، ولكن تلك هي الحالة الغالبة التي يصح تأصيلها في الحياة وفق المقتضيات الحكيمة والملائمة. وإذا كان الدين لم يكلف المرأة بالقيام بوظائف من قبيل الطبخ والكنس ونحوهما - في حال عدم اشتراط الزوج لذلك في العقد بنحو ما - فلأنه أحال ذلك إلى طبيعة وجود المرأة في البيت، واهتمامها وذوقها في إدارته وإدارة الزوج، وليس من مقتضى ذلك طبعا ترفع الزوج عن المساعدة في شؤون البيت حيث يجد فرصة مواتية، لاسيما حيث تكون الزوجة مريضة أو متعبة تتزاحم عليها الأعمال. إن عمل المرأة في البيت يمثل قيمة كبرى كما يظهر بتأمل الحياة الاجتماعية من حيث الغايات العقلائية المتعارفة للطرفين، والعواقب المنظورة للأسرة وأفرادها، ولا ينبغي للزوجة بحال الاستهانة بهذا الدور المهم واحتقاره، وإذا تزاحم هذا الاقتضاء مع جانب من اقتضاءات العمل، فعليها أن تقدم هذا الاقتضاء؛ لأنها أعمق ضرورة وأكثر تجذرا في نفس الإنسان، وأحمد عاقبة بالنظر الجامع في الأمور(1). ..................................... (1) رسالة المرأة في الحياة: ص49-52.