مُبدِعَةٌ مِن العِمَارَةِ
حينما نُلقي نظرة على الحياة نجد أنّ تطورها إنما يأتي على أيدي الذين كانوا يطمحون بعيداً، ويسعون حثيثاً إلى تحقيق طموحاتهم، فالمطامح السامية والغايات النبيلة هي دعامة الرقيّ في الأمم، تكسب الحياة خصوبة، وتبعث فيها الرونق والبهاء الذي بدوره يبلور الإبداع فيه؛ ليحرز التقدّم بمختلف مجالات الحياة. لهذا فالإبداع هو طاقة عقلية هائلة، فطرية في أساسها، اجتماعية في نمائها، مجتمعية إنسانية في انتمائها؛ لأنها الكفيلة بتحويل الأشياء العادية إلى أشياء ذات قيمة ومنفعة عالية. من مدينة النجف الأشرف التي تشرفت بمرقد مثال العلم والمعرفة الإمام علي (عليه السلام) حيث عبق الإمامة، وُلدت مبدعتنا هناك، وفي مدينة العمارة مدينة الجمال تزوجت، ومن شواطئ نهر الفرات والطبيعة الخلابة التي تحتضن تلك الشواطئ ألقى الجمال بردائه على أنامل الأخت (هند عماد كاشف الغطاء) لتبدع فيما أعطاها الله (عزّ وجل) من مواهب إبداعية، تجلّت في الأعمال اليدوية الجميلة التي تُستخدم في حفلات عقد القران والزواج، التقتها رياض الزهراء (عليها السلام) فكان هذا اللقاء: متى بدأ اهتمامك بهذا الفن الجميل؟ منذ كنت صغيرة بدأ اهتمامي بتنسيق الأشياء وتنفيذ الأعمال اليدوية إذ كنت أراقب والدي ووالدتي، فقد كان والدي رساماً مبدعاً وشاعراً، وكانت والدتي تهتم بترتيب الأشياء وتصنع الأشياء الجميلة من العدم، وكانت خياطة ماهرة أي أنّ ميولها كانت فنية، وأخي الكبير كان رسّاماً، حيث يمكن اعتبار هوايتي وراثية وبفعل البيئة المحيطة أيضاً. ما هي المواد المستخدمة في أعمالك؟ أغلب المواد التي استخدمها هي الموجودة في البيت والفائضة عن الحاجة، وبخاصة في وقتنا الحالي توجد الكثير من المشتريات اليومية التي تحتوي على علب وأشياء يمكن الاستفادة منها، فاشتري الإكسسوارات المكملة، والشرائط، واللاصق من السوق. كلّ عمل إبداعي يجب أن يتحلى بخصائص فطرية يتمتع بها صاحب العمل كالذكاء والموهبة، ما هي المدة التي تستغرقين العمل فيها؟ أغلب الأعمال التي أصنعها لا تتجاوز الساعة، وفي بعض الأحيان أكثر من ذلك بحسب نوعية العمل، كما أنني أحرص على إنجاز عملي بأسرع وقت ممكن، وبشكل متواصل حتى وإن كان في وقت متأخر من الليل. إنّ الإبداع بحاجة إلى همّة عالية ونفس جديدة خصوصاً أنّ الجديد مخيف؛ لأنه مجهول المصير، والابتكار بطبيعته حذِر، وفيه الكثير من التحدي والشجاعة؛ لذلك فمن المهم جداً أن يعتقد الأفراد أن أعمالهم الإبداعية ستعود بمنافع أكثر لهم وللمجتمع. هل واجهت صعوبات في عملك؟ نعم واجهت بعض الصعوبات، منها: *عدم توفر المواد التي احتاجها، إضافة إلى غلائها. *عدم امتلاكي الوقت الكافي كوني زوجة وأمّاً لطفلين. *ليس هناك تشجيع كافٍ إذ إنّ أغلب الناس يرغب باقتناء الأعمال الجاهزة، وقد أدى ذلك إلى قلة الطلب الذي سيؤدي إلى انقراض هذه الأعمال بخاصة في العراق. هل لديك طموح أو اهتمامات أخرى؟ كلّ إنسان يرغب بتطوير المجال الذي يبدع فيه، وأنا أبحث عن كلّ ما هو جديد في هذا المجال، وأحبّ أن أتعلم وأدخل في مجالات أخرى مثل الخياطة، إذ أقوم بخياطة (الفرشات والستائر)، كذلك أحبّ استعمال الطّلاء، إذ إنني أقوم بتصميم الموديلات لغرفتي ولغرفة أولادي ورسمها وطليها وكذلك أقدم نماذج (ديكورات) للنجار؛ لكي يقوم بتنفيذها. لدينا الكثير من النساء اللواتي يمتلكن طاقات يمكن استثمارها برفد الصناعات الوطنية، وإعادة التألق لفنون الحرف اليدوية من أجل الحفاظ على الطابع الوطني كما تفعل الكثير من الدول، كون أعمال المهارات اليدوية فناً أصيلاً علينا الاهتمام به، كافتتاح مراكز للعناية بهذه الحرف أو فتح معاهد لتعليمها، ودعمها بالشكل المناسب مثل توفير المواد الأولية، وتسويق هذه الأعمال والإعلان عنها، وبذلك نجعل هؤلاء النساء منتجات.