عوامل التوافق الزوجي.. أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء (عليهما السلام) أسوة

زينب ناشي الخفاجي/ القادسية
عدد المشاهدات : 46

يقول الله تعالى: )ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون( (الروم:25). إن الزواج آية وتجسيد للقيم الفطرية الإنسانية، فجعل الله المودة والرحمة منبعا للتوافق الزوجي، تعتمد هذه الآية المباركة الجانب الروحي والمعنوي لتولد حالة وجدانية معناها الانسجام والموائمة والألفة والتفاهم، ومن أجل الحصول على زواج صالح لابد من الأخذ بالأسس الصحيحة لبناء الأسرة، والاقتداء بسيرة أهل البيت (عليهم السلام) وذلك باتباع بعض الخطوات، منها: أولا: استثارة البنت وأخذ رأيها في زوج المستقبل، مثلما فعل النبي (صلى الله عليه وآله) مع بضعته الطاهرة (عليها السلام)، ففي فعله (صلوات الله عليه)، وطريقة تقديمه لأمير المؤمنين (عليه السلام) درس عظيم يبين مسؤولية أولياء الأمور في أن يركزوا على الأمور الأساسية في شخصية الخاطب، لا الأمور الشكلية، فعدد النبي (صلى الله عليه وآله) فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) العظيمة، من سابقته إلى الإسلام، وعلاقته بالله تعالى، وسائر فضائله، وأنه خير خلق الله بعد رسوله (صلى الله عليه وآله)، ولم يذكر لها ما يملك من مال أو غيرها من المعايير المادية، فالمفاضلة في اختيار الشريك تعتمد على التفضيلات الإلهية. ثانيا: عامل استشعار المراقبة الإلهية الذي يظهر جمال التوحيد في حياة أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء (عليهما السلام) وهذا ما تشهد به كلماتهم وخطبهم ومواقفهم، لتتجلى القيم الإلهية في سيرة حياتهما الزوجية (عليهما السلام). ثالثا: التكافؤ: فعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "المؤمن كفو المؤمنة"(1)، فمعيار الاختيار هو الدين والأخلاق، لا الأمور المادية، فكثير من حالات الطلاق ناشئة من زواج سريع وعدم تدقيق في نقاط التلاقي، والاقتصار على الشكل والجانب المادي فقط. رابعا: القناعة والتواضع: يتضمن التساهل في مقدار المهر وعدم تعقيد الزواج، فعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال لعلي (عليه السلام): "ما تملك من مال؟" فقال: "لا أملك سوى درعي وسيفي، وهذه الثياب التي ألبسها، ولا أملك غيرها من حطام الدنيا" فأجابه (صلى الله عليه وآله): "أما سيفك فلا تستغني عنه"(2)، وبقي الدرع، فبيع بـ(500) درهم، وكان ذلك مهر الزهراء (عليها السلام)، ومن هذا المهر ابتيعت حاجات بسيطة وأثاث متواضع، مما جعل الزهراء (عليها السلام) مشاركة لأمير المؤمنين في تجهيز بيتهما الزوجي، وهو دليل قاطع على القناعة والتواضع، وعدم المغالاة في المهر، مما يعطي درسا للأجيال في ضرورة القناعة والتعاون، ومراعاة الوضع الاقتصادي للزوج، فقد صبرت الزهراء (عليها السلام) على شظف العيش، فقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام) عند تأبينها قوله: "إنها استقت بالقربة حتى أثر في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها، وكسحت البيت، حتى أغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها"(3). هذا اليسير غيض من فيض سيرة زواج النورين، وبيتهما أشرف البيوت الذي قال الله تعالى فيه: )في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال( (النور:36). ............ (1) الكافي: ج5، ص ٣٣٩. (2) بحار الأنوار: ج43، ص127. (3) علل الشرائع: ج٢، ص266.