رياض الزهراء العدد 219 بريد القراء
عين الحكمة
كثيرا ما تواجهنا مواقف صعبة يتسبب بها الآخرون، والتي قد تصدر من المقربين منا، وقد تبدو في ظاهرها ظالمة، فتسبب لنا آلاما كبيرة، وخيبات أمل لا يمكن تخطيها بسهولة، لكن في أغلب الأحيان نجد في الحقيقة أنها تحمل في طياتها دروسا وحقائق خفية لا تتضح إلا لمن يبحث عن الصورة الكاملة، فعندما ينظر المرء إلى أحداث الحياة بعين فاحصة، ومن زوايا متعددة، تبدأ الحقائق بالانكشاف، ويدرك أن الظلم أحيانا ليس إلا نتيجة سوء الفهم، عندها يصبح القلب أكثر رحابة، والعقل أكثر وعيا، فكل وجه يحمل حكاية، وكل فعل له تفسير، لكن هل يمكن للجميع أن يمتلكوا القدرة على النظر إلى الأمور بزوايا متعددة ومن جهات مختلفة؟ نعم، إنها مهارة نبيلة تتطلب تطوير مجموعة من القيم والمهارات الأساسية، منها: 1ـ تنمية التعاطف: يتمثل ذلك بالاستماع الفعال للآخرين من دون مقاطعتهم، مع التركيز على فهم مشاعرهم وليس فقط كلماتهم، ومن ثم محاولة تخيل الشخص نفسه في مواقفهم نفسها، مما يساعد على استيعاب أعمق لحالاتهم. 2ـ التحلي بالمرونة العقلية: وذلك عن طريق تقبل الاختلافات والتخلص من الأحكام المسبقة، وهو أمر أساسي لفهم تصرفات الآخرين، وبدلا من إصدار حكم سريع، نسأل أنفسنا: ما الأسباب التي دفعتهم للتصرف بهذا الشكل؟ 3ـ الفضول الإيجابي: نسأل بدافع الفهم لا النقد، فهذا الفضول يمنحك فرصة للاستفادة من تجارب الآخرين، ويعزز من قدرتك على رؤية الأمور من زوايا جديدة، وتذكري أن فهم الآخرين لا يعني بالضرورة الموافقة على آرائهم، بل التعاطي معها بعقلية منفتحة. 4ـ القراءة المستمرة: وهي المهارة الأهم؛ لأن القراءة تعد وسيلة فعالة لاستيعاب خبرات الآخرين بشكل غير مباشر، فقد تظنين أن ما تقرئينه يذهب سدى، لكن في الحقيقة أن هذه المعرفة تبقى مخزونة بداخلك وتظهر في اللحظات المناسبة، مما يمنحك بصيرة أعمق وطاقة للتطور. وأخيرا، عندما تواجهك التحديات، فتذكري أن تنويع زوايا النظر قد يكون مفتاح الحل، فكوني مستعدة لإعادة التفكير في الحلول السابقة، فقد يظهر مع مرور الوقت أن بعضها كان صحيحا، لكنك لم تدركي ذلك حينها بسبب عدم اكتمال الصورة عندك، فتعلمك هذه المهارات أن عين الحكمة تكمن في التمهل لفهم أبعاد الصورة كاملة، وليس في الحكم السريع.