لنرب أطفالنا على حب الله تعالى
طفلي: غصن طري، بل فجر ندي، طاهر الفطرة، نقي السريرة، وفي صفحات هذا النقاء لا ريب أن أجمل ما ينبغي أن نغرسه في قلبه حب الله جل في علاه، ذاك الحب الذي لا ينقش في العقل فحسب، بل يوشم في القلب نورا لا ينطفئ، ويقينا لا يتزعزع. ومن هنا ينبغي علينا نحن الأمهات أن نجعل أول ما يرتوي به هذا الغصن هو ماء المحبة الإلهية، وأول ما يزينه هو نور القرب من الله تعالى، فالطفل لا يدرك في أول عمره إلا ما يلامس وجدانه، ويسافر إلى عالم خياله، فإن عرف الله تعالى عبر الجمال، أحبه، وإن شعر به في الرفق واللطف، مال إليه مثلما تميل الزهرة إلى نور الشمس، فما أجمل أن نحدثه عن الله تعالى، لا لأنه رقيب يراقب خطواته، بل لأنه نور يسكن قلبه، وملاذ آمن يناجيه حين يخشى، وملجأ واسع يحتضنه حين تضيق به الدنيا. علينا أن ندله على الله تعالى عن طريق ألوان الفراشات، ورقة الورود، وخضرة الحقول، وزرقة السماء، حتى إذا تحدث عن الجمال، همس باسم الله تعالى، وإذا خاف لجأ إليه، وإذا فرح شكره، ولنعلم أنه إن نشأ محبا لله تعالى، صار صادقا، أمينا، عفيفا، محبا للخير، فإذا كبر وفتحت الدنيا له أبوابها، دخلها بقلب مطمئن، ونفس لا تنحني للفتن. سيرى الله تعالى في كل شيء حوله، في قلبه الذي ينبض بالخير، وفي ضميره الذي يرشده إلى ينابيع النور، وفي نفسه التي تتوق إلى رياض الصلاح والطهر. ومن أرادت أن تغرس في قلب طفلها حب خالقه، فلا تحتاج إلى وعظ يثقل عقله، ولا إلى كلام يتجاوز قدرة روحه، إنما تحتاج أن تكون نورا يسري إلى روحه، ورقة تنفذ إلى أعماقه، فتعلمه حب الله سبحانه من دون أن تقول، وذلك عندما تدله عليه في كل ما يحبه، تريه الله تعالى في حنانها عليه، وحرصها على نجاته، تجعل الدين في حياته كالهواء في صدره، لا يجبر عليه، ولكنه يحيا به، فإذا كبر، وجد أن الله تعالى في كل ما يحبه، وأن الحياة لا تكون جميلة إلا بذكره، وأن كل نور ينطفئ إلا نوره الذي وقر في قلبه منذ صغره، حينها سيصبح الحق طريقه، والأئمة الأطهار (عليهم السلام) قدوته، والقرآن دستوره، والكمال منهجه، والرضوان غايته، وسيمضي في الدنيا كسراج وهاج يضيء حيثما حل، ويهب القلوب الأمل؛ لأنه عاش محبا لله (عز وجل).