حفظ القرآن الكريم بين الوراثة والتربية

فاطمة سلام العابدي/ كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 34

لقد حثت الأحاديث الشريفة على تربية الأبناء تربية حسنة، فضلا عن التأكيد على دور الوراثة في شخصية الطفل، حتى أن الطفل يصبح نسخة من والديه بسبب الوراثة والتربية. كان لمجلة رياض الزهراء (عليها السلام) حديث مع السيدة (مهى كمال المدني) الحافظة لكل القرآن الكريم عن مسيرتها في الحفظ مع ابنتها: أخبرينا عن رحلتك في حفظ القرآن الكريم، كيف بدأت؟ كانت رحلتي مع القرآن الكريم رحلة إيمانية جميلة، فمنذ نعومة أظفاري كنت أحب تلاوته، وأحاول حفظه شيئا، فشيئا، حتى وفقني الله تعالى وأتممت حفظه، ولم يكن الطريق سهلا، لكنه كان مليئا بالنور والبركة. بعد أن أكرمك الله تعالى بحفظ القرآن الكريم، كيف نشأت لديك الرغبة في حث ابنتك على الحفظ أيضا؟ عندما أصبحت أما، كنت أرى أن أعظم هدية يمكن أن أقدمها لابنتي هي حب القرآن الكريم، وأردت بشدة أن يكون كتاب الله تعالى جزءا من حياتها منذ الصغر مثلما كان في حياتي، وذلك للبركة العظيمة التي يضيفها على حياة الفرد في الدنيا والآخرة. كيف بدأت مع ابنتك في تعليمها القرآن؟ بدأت معها منذ طفولتها، إذ كنت أراجع القرآن الكريم أمام أولادي، حتى كبروا وأصبحوا يقلدون أدائي، بخاصة ابنتي (دعاء) التي بدأت تحفظ الآيات شيئا، فشيئا. هل واجهت صعوبات في تحفيظها؟ وكيف تغلبت عليها؟ بالطبع، فلم يكن الأمر سهلا، فأحيانا كانت تتعب أو تمل، لكنني كنت أحاول التنويع في الأساليب، كسرد القصص المرتبطة بالآيات، والمسابقات الصغيرة، والمكافآت، والأهم من ذلك، كنت أجعلها ترى حبي للقرآن الكريم، فأنا أؤمن أن القدوة العملية والتربية بالقدوة هي أعظم وسيلة تعليمية. كيف كانت توفق بين حفظها للقرآن الكريم وبين دراستها، بخاصة أنها طالبة طب عام؟ كنت ألقنها منذ صغرها أن حفظ القرآن الكريم لا يتعارض مع الدراسة، بل هو مفتاح النجاح فيها، وكنت أساعدها على تنظيم وقتها جيدا، وكنت أذكرها دائما بأن القرآن الكريم يمنح وقتها البركة، حتى عندما التحقت بكلية الطب، كنت أشجعها على أن تخصص وقتا ولو يسيرا يوميا لمراجعة التلاوة، فالمهم هو الاستمرار والتكرار. هل لاحظت أثر القرآن الكريم في شخصية ابنتك وحياتها؟ نعم، بشكل كبير وواضح، فالقرآن الكريم جعلها أكثر هدوءا، وصبرا، وتركيزا، مثلما أنه زاد من إيمانها وثقتها بنفسها، وساعدها حفظ القرآن الكريم في دراستها كثيرا؛ لأنه دربها على الحفظ السريع والتركيز العميق. ما النصيحة التي تقدمينها إلى الأمهات اللواتي يرغبن في أن يحفظ أبناؤهن القرآن الكريم؟ نصيحتي هي أن يكن قدوة صالحة بالدرجة الأولى، فالطفل يتأثر بما يرى أكثر مما يسمع، وأيضا فليجعلن تجربة حفظ القرآن ممتعة، وليست مجرد واجب ثقيل، وليبدأن مع أطفالهن في وقت مبكر؛ لأن قلوب الصغار تكون أكثر تقبلا، والأهم من ذلك أن لا يستسلمن لليأس أبدا، حتى لو كان الحفظ بطيئا، فالمداومة هي المفتاح. كلمة أخيرة الاهتمام والعناية بالقرآن الكريم هو أعظم هدية يمكن أن نقدمها لأبنائنا، فهو ليس مجرد كلمات تحفظ، بل هو نور يضيء لهم طريق الحياة.