الزواج الناجح في عصر الـ(سوشيال ميديا).. بين الواقع والخيال
مع ذكرى بناء أشرف البيوت التي أذن الله تعالى أن ترفع ويذكر فيها اسمه، أحيط بأنفاس الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله)، وشيد بيدي ولي الله الأعظم، واستقام ببركة الحوراء الإنسية، كان سقفه التسبيح، وجدرانه التهليل، وأرضه الحمد، وبابه المودة والرحمة، بات من الضروري في ذكرى زواج النورين تسليط الضوء على ما يجري في الساحة الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي من منشورات مختلفة للمقبلين على الزواج، إذ انتشر التباهي والتفاخر بغلاء المهور، فضلا عن باقي تجهيزات العرس التي ما أنزل الله بها من سلطان، مما يثقل كاهل العوائل، فبات البون شاسعا بينها وبين ما أوصى به المعصومون (عليهم السلام). إن الزواج الناجح أساس الأسرة السعيدة والأجيال السالمة، فهو لا يبنى على الأمور المادية الكمالية، ولا يقتصر على حب الشخصين بعضهما، بل يتطلب مجموعة من المقومات الأساسية التي تسهم في استمراره وتطويره، وأولها حب الله تعالى، ثم إدراك الطرفين لمسؤولياتهما، ومراعاة حقوق بعضهما، كالاحترام المتبادل، إذ يعد الاحترام حجر الزاوية في أي علاقة ناجحة، وهو يشمل احترام أفكار الشريك ومشاعره، سواء على المستوى العاطفي، أو الفكري، أو الاجتماعي، وكذلك التمتع بالمرونة مهم جدا لنجاح الحياة الزوجية، فالحياة مليئة بالتحديات والظروف المتغيرة؛ لذلك من الضروري أن يكون الزوجان مرنين وقادرين على التكيف مع التغيرات، فقد تتغير بعض الأمور مع مرور الوقت، كالأعمال أو أولويات الحياة؛ لذلك يجب أن يكون هناك استعداد لتقديم التضحيات. مثلما يجب أن يمتلك الزوجان القدرة على حل الخلافات، فمن الطبيعي أن يحدث اختلاف في الرأي بين الزوجين، لكن الطريقة التي تحل بها الخلافات هي التي تفرق بين الزواج الناجح والزواج غير المستقر، فيجب أن يتعلم الزوجان كيفية التعامل مع الخلافات بهدوء، وهذا يعتمد على التفاهم المشترك، سواء كان ذلك فيما يتعلق بتربية الأبناء، أو بناء المستقبل معا، فعندما تكون الرؤية المشتركة واضحة، يسهل على الزوجين العمل معا لتحقيق أهدافهما. إن الزواج الناجح يتطلب مجموعة من العوامل التي تتحد معا لتشكل علاقة متوازنة وسعيدة، يسودها الاحترام، والتواصل، والمرونة، والوفاء، والدعم النفسي، فكلها مقومات تساعد في ضمان استمرار العلاقة الزوجية، وتحقيق الاستقرار العاطفي والتوافق بين الزوجين. ومن أهم مقومات الزواج الناجح، تحديد الهدف من الزواج، وهو بناء أسرة صالحة ورصينة من جميع الجوانب، والأنموذج الكامل للأسرة المؤمنة هما عليٌ وفاطمة (عليهما السلام)، فلابد من أن ندرس سيرتهما لنسير على نهجهما.