تَوَاصُلي

آمال كاظم عبد
عدد المشاهدات : 155

صلة الرحم عالم التواصل الاجتماعي، عالم واسع تحكمه المشاعر الالكترونية - إن صحّت التسمية - وسلبياته تبعدك عن العالم الواقعي، هكذا كنت أعيش حياتي مع الشبكة العنكبوتية، لم أكن أعرف أقربائي؛ لأن الحياة التي نعيشها أبعدتنا عنهم. في أحد الأيام اتصلت بي إحدى قريباتي التي تتواصل معنا باستمرار، وأبلغتني أنها أسست (كروب) مجموعة خاصة بأقربائنا فقط؛ لكي نستطيع التواصل في ما بيننا كون الحياة العملية أخذتنا، وأصبحت صلة الرحم من الكماليات عند أكثر الناس على الرغم من أنها معلقة بعرش الرحمان، والجميل أنها أهدت هذا الكروب إلى روحيّ جدتي وجدي لتكون لهما صدقة جارية، وفعلا فقد تعرّفت على أقربائي الذين كنت أسمع عنهم وأصبحت لهم صديقة، وتعرفت على أولادهم، واتفقنا على أن نخرج جميعاً في سفرة لزيارة أحد أضرحة الأولياء الصالحين، لكي نوطد علاقة القربى هذه، وقد تكفلتُ تكاليف الرحلة في مبادرة مني للمّ الشمل، وأهديتها إلى رُوحيْ جدي وجدتي. المفاجأة التي لم أكن أتوقعها كانت بعد عودتي من السفرة مباشرة، إذ تمّ الاتصال بي وأخبروني أني حصلت على مبلغ من المال كنتُ قد يئست منه، فحمدتُ الله وشكرته على هذه النعمة، وتذكرت قول النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله): "مَن ضمن لي واحدة ضمنت له أربعة، يصل رحمه فيحبه الله، ويوسّع عليه في رزقه، ويزيد في عمره، ويدخله الجنة التي وعده".(1) ................................ (1) مسند الإمام الرضا: ج1، ص479. ********************************** ارحموا مَن في الأرض مرّت على العراق رياح عاتية سوداء أحرقت الأخضر واليابس في بلدي الجريح، فقد تمّ تهجير الكثير من العوائل الذين تركوا بيوتهم وأراضيهم وبلداتهم من أجل مذهبهم، ومن أجل أن يحافظوا على شرفهم وأنفسهم من القتل، ونتيجة لهذا التهجير فقد أصبحوا بين ليلة وضحاها مشرّدين معدمين لا يملكون إلّا ملابسهم التي خرجوا فيها، أتألم وأنا أتابع أخبارهم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فقدحت في ذهني فكرة، فنحن نستطيع تقديم المساعدة إليهم حتى وإن كانت مساعدة معنوية، فالتخفيف عنهم بالابتسامة والتعامل الطيب معهم سيعطيهم جرعة أمل هم أحوج ما يكونون إليها، ففاتحتُ أصدقائي العديدين بضرورة أن نقوم بحملة عمل خيري لنزور هؤلاء الناس، وتقديم ما يمكن تقديمه لهم من مساعدات كالتبرع وغيرها، وبما أني وأصدقائي نسكن في أماكن متفرقة، فقد قسّمنا الحملة بحسب المحافظات والمناطق، وبحسب إمكانية كلّ فرد منا، كما أننا كلّمنا أصحاب المحال التجارية ومحلات المواد الغذائية ومحلات الفاكهة والخضار للتبرع كلّ بحسب ما لديه من بضاعة، والحمد لله فقد استجاب معظمهم بعد أن رأوا أصداء ما نعمله يتصدر صفحات الفيس بوك، فهناك مَن تبرع لهم بالملابس، ومَن تبرع لهم بالأغراض الضرورية من أفرشة، وهناك من أفرغ جزءاً من مخازن محلاته لإيوائهم، وتبرع بعض الأساتذة والمدرسين بتعليم أولادهم ما فاتهم من دروس، والجميل في الموضوع أننا تعلّقنا بهم كأنهم أحباب وأصدقاء، وبذلك استطعنا أن نرسم البسمة على شفاههم، ولو قليلاً.