رياض الزهراء العدد 93 لحياة أفضل
أَنَا أُمٌّ
أنا أمّ.. وهذا موضع فخري، حملتُ ووضعتُ وأرضعتُ وربيّتُ وتحملتُ آلاماً ومشاقَّ، ولاقيتُ جحوداً، ولكنني راضية ومسرورة، فلقد كرّمني الله (عزّ وجل)، ورفع مكانتي، ووضع الجنة تحت أقدامي، وأمر أبنائي بطاعتي وإرضائي، وطلب من زوجي أن يترفق بي ويمنحني حبّه ومودته، وأن يرعاني، وأن يتحمل مسؤولياتي، وهكذا ضمّتني أسرة يتحقق لي من خلالها معنى لوجودي وحياتي، ومبرر لاستمراري. أنا أمّ.. تحقق من خلالي وبداخل أحشائي السرّ العبقري للخلق، وأنا حاملة هذا السرّ، ومن أجل هذا يهون أيّ تعب، بل هو التعب السار.. إنه تعب يصاحبه زهو وفرح. ومن دون أن أدري.. ومن دون تعليم أو توجيه أو ثقافة، وبحبّ غريزي بحت تفانيتُ من أجل خدمة أولادي وراحتهم، وأحببتهم حبّاً عميقاً، أنا أعيش بهم ومن أجلهم، وهذا شيء كثير وعظيم أحمد الله عليه، ومن خلالهم تعمقتْ وتغذتْ صلة أخرى بزوجي ورباط جديد، إذ إنّ مجيئهم قد أضاف مشاعر من نوع خاص. أصبحتُ أشعر بأني وزوجي وأولادي نسيج واحد تسبح فيه دماء واحدة، وتمنحه الحياة روح واحدة، وهذا هو المعنى البليغ والعميق للأسرة. الأسرة ليست مجموعة من الأفراد يحتويهم بيت، ولكنهم كيان واحد، وأنا أدركتُ كلّ هذا حينما صرتُ أمّاً، وأحسّ بالفرح يغمرني حين أرى الحنان النابع من قلب زوجي تجاه أبنائي، وأشعر أنه حنان خالص لي أنا، فأنا الأم، وعرفتُ عن طريق أبنائي سرّ الخلق، ومعنى الوجود، وأصبحتُ أهتف من أعماقي بفهم وحبّ وحرارة بالغة.. سبحان الله.