رياض الزهراء العدد 220 شمس مغيّبة
موعود الأمم
بعث الله (عز وجل) الأنبياء والرسل (عليهم السلام) لهداية البشرية، وإنقاذهم من الضلال والتيه والعنجهية، ووعد أنبياءه في جميع الكتب السماوية بمجيء المنقذ وأمل البشرية، وخليفته في أرضه وحجته على عباده الذي سيخلص الأرض من الظلم والعدوان، ويملؤها بالعدل والقسط والإحسان، ويعيد الدين غضا جديدا، بعد ما عاث الظالمون والمعاندون في الأرض فسادا، وصالوا وجالوا وسفكوا الدماء، وغيروا خلق الله سبحانه، وطغوا في البلاد، ووعده الحق أنه سيرث الأرض عباده المؤمنون الصالحون، فقال تعالى: )ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون( (الأنبياء:105)، حتى وإن طال الزمان ويئس الناس وقالوا متى وعد الله؟ فأن وقت الظهور سيحين ولو بعد حين؛ لذا علينا بالصبر واليقين وانتظار الفرج، وقد قال تعالى: )فاصبر إن وعد الله حق( (غافر:77)، وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "لو لم يبق من الدهر إلا يوم؛ لبعث الله رجلا من أهل بيتي، يملؤها عدلا كما ملئت جورا"(1)، ليتحقق الوعد الإلهي بإقامة الدولة المهدوية التي بشرت بها الآيات والروايات والكتب السماوية، وأنها حقيقة حتمية لابد من حدوثها، حينها سيسعد المؤمنون بظهور وريث الأنبياء (عليهم السلام)، فقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: "قلت: يا رسول الله، أمنا آل محمد المهدي أم من غيرنا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا بل منا، يختم الله به الدين كما فتح بنا، وبنا ينقذون من الفتن كما أنقذوا من الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة إخوانا كما ألف بينهم بعد عداوة الشرك، وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم"(2)، وعن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: "ولا يبقى في الأرض خراب إلا قد عمر، لا يبقى في الأرض معبود من دون الله تعالى من صنم ووثن وغيره إلا وقعت فيه نار فاحترق"(3)، وقد قال تعالى: )وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا( (النور:55)، فأولى المهام التي يقوم بها الإمام المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) الأخذ بالثأر من قتلة الإمام الحسين (عليه السلام)، فعن أبي حمزة الثمالي أنه قال: سألت الباقر (عليه السلام): يا بن رسول الله، ألستم كلكم قائمين بالحق؟ قال: "بلى، قلت: فلم سمي القائم قائما؟ قال: لما قتل جدي الحسين (صلى الله عليه) ضجت الملائكة إلى الله (عز وجل) بالبكاء والنحيب، وقالوا: إلهنا وسيدنا، أتغفل عمن قتل صفوتك وابن صفوتك، وخيرتك من خلقك؟ فأوحى الله (عز وجل) إليهم: قروا ملائكتي، فوعزتي وجلالي لأنتقمن منهم ولو بعد حين، ثم كشف الله (عز وجل) عن الأئمة من ولد الحسين (عليه السلام) للملائكة، فسرت الملائكة بذلك، فإذا أحدهم قائم يصلي، فقال الله (عز وجل): بذلك القائم أنتقم منهم"(4). ......................................... (1) بحار الأنوار: ج51، ص102. (2) كشف الغمة: ج3، ص274. (3) كمال الدين: ص331. (4) علل الشرائع: ج1، ص160.