الله تعالى العالم بما خلق

رجاء علي البوهاني/كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 4

إن حقيقة كون الله تعالى عالما، من المسائل التي أجمع الإلهيون عليها، وعلمه تعالى ليس كعلمنا، إذ إننا مهما بلغنا من العلم، فيبقى علمنا محدودا، أما علمه سبحانه فليس مثله شيء، فعلمه غير محدود، قديم ذاتي، فعن الإمام الكاظم (عليه السلام) أنه قال: "ليس بين الله وبين علمه حد"(1)، فالمخلوقات كلها تنتهي بوجودها إلى الله تعالى، وهو الذي يفيض الوجود عليها، وكل معلول لابد له من علة، وهناك قاعدة عقلية قطعية مفادها: أن إتقان المصنوع وإحكامه، يدل قطعا على علم صانعه(2)، فما من عاقل يرى جهازا معقد التصميم، متقن الصنع، يحتوي على برمجيات معقدة عالية الدقة، يشك للحظة أن مخترع هذا الجهاز وصانعه عالم بأمور البرمجيات وبخصائص الهندسة الكهربائية، بل إن ذهنه سينتقل فورا إلى علم صانعه وتفوقه في مجال صناعة هذا الجهاز، وبما أننا نعيش في هذا العالم المليء بعجائب الخلق وإبداع الخالق مما لا يحصى، ابتداء من الذرة الدقيقة وانتهاء بالمجرة الهائلة، فمن أصغر خلية إلى أكبر نجم، يسود هذه الموجودات أنظمة وروابط بالغة الدقة، ويشهد هذا كله على أن خالق الكون عالم بكل ما فيه من أسرار وقوانين، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الدليل بقوله تعالى: )ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير( (الملك:14)، وقد ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) في معرض تمجيده للخالق تعالى: "ووضع كل شيء منه موضعه بعلمه"(3)، فأشار (عليه السلام) إلى استحالة الإتقان والإحكام من غير العلم. ............ (1) توحيد الصدوق: ص134. (2) بداية المعرفة: ص67. (3) المصدر السابق: ص137.