أشواك لطيفة

زينب ناصر الأسديّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 51

أنهت (أماني) يوما صاخبا، مليئا بشغب الأولاد ومناوشاتهم المتواصلة، مع الكثير من الصراخ واللعب، والأكل والفوضى كالعادة، فجلست على طرف سريرها تتأمل ابنها (سلمان) الذي غط في النوم بعد يوم طويل، كان في التاسعة من عمره، بملامحه البريئة وعينيه اللتين تشعان فضولا وتمردا، طرق ذهنها ما حدث اليوم، ثم قفز شيء ما في قلبها، بعثر وتيرته المنتظمة، وجعله ينبض بسرعة. تذكرت ما حدث عند الغداء، عندما رفض (سلمان) تناول طعامه واستمر باللعب والنقر على الهاتف، حاولت إقناعه بلطف، لكنه تجهم ودخل في نوبة هستيرية من البكاء والصراخ، فتحولت الأجواء إلى فوضى عارمة مليئة بالحيرة، فاتخذت القرار: لا هاتف في أثناء الطعام، بكى، تضايق، لكنه في النهاية أكل وإن كان على مضض، وبعد قليل عاد ليضحك ويلعب كأن شيئا لم يكن. سألت نفسها: هل كنت قاسية عليه؟ تساءلت وهي تمسد شعره الفاحم النازل على حاجبيه، إنها تحب ابنها أكثر من أي شيء، لكن هل يكفي الحب وحده؟ فلو استسلمت كل مرة لبكائه، فهل سيتعلم ضبط النفس؟ ولو كانت صارمة دائما، فهل سيشعر بالأمان والدفء؟ تختلف قواعد التربية عن العواطف الجياشة التي تسيطر على قرارات الأم غالبا، فتجعلها تميل إلى الاستسلام أمام أخطاء الأبناء بذريعة الحب، فالتربية ليست إرضاء مؤقتا، بل استثمارا طويل الأمد في أخلاق الطفل وشخصيته، فالعطاء إذا كان متواصلا، فسوف يفقد قيمته المعنوية، ويصبح شيئا معتادا لا أهمية له. إن خير سبيل في التربية هو الأسلوب المتوازن الذي يمزج بين الحزم والحنان في رسم الحدود التي تبين المحظورات في الأسرة الواحدة،عن طريق سن القوانين التي تضع النقاط على الحروف. إن عملية التربية تشبه السير على حافة حفرة عميقة، حيث التوازن هو المفتاح، والحزم يرسم الحدود، والحنان يجعل الطفل يتقبلها، وفي النهاية، كلاهما حب في لوحتين مختلفتين.