رياض الزهراء العدد 93 مناهل ثقافية
فِي بِقَاعِ الطُّهرِ نَتِيه
حينَ فتحتُ شُرفةَ الفِكرِ.. أشرقَ الصّبحُ من قَلبِي لقلبِي.. حينَ أعلنَ العقلُ رحلتَهُ في بديعِ خالقِهِ.. حَزمَ الخيالُ أمتِعتَهُ لإكمالِ المَسيرِ.. هناكَ استوقَفتنِي ذَاكرةٌ مُشَبعةٌ بالحبِّ.. تُرفرفُ مشاعرَهَا بالشَّهدِ.. نَعم، أعلامُها الشَّهدُ.. في كلّ قطرةٍ تذهب العقل لتوقظ العقل.. غَريبٌ هذا التَّناقُض؟ لكنْ ليسَ مُستبعَداً.. لِنحاولْ الوقوفَ عندَ الزمنِ الذي سَبَقنَا.. فلنغمضْ أحلامَنَا.. نشتمّ عبقَ الإيمانِ.. ما أطهرَ الأرضَ كلّما مِلنا زِدنَا عِزّاً.. يا اللهُ.. هنا طيفٌ يُناغي أفئَدتَنَا.. يدعُونا.. إلى السَّعادَةِ.. مِن فيضِهِ.. زادُه الصَّلاةُ علَى الحبيبِ مُحمّدٍ (صلى الله عليه وآله).. مَن؟! انظر هناكَ حورَ الحرفِ تَمشِي وتَستلذُّ بِبيانِهَا.. وهناكَ أفكارِي تُعانقُ أجنَّتَها لِتلدَ نَقِيَّةً.. وهنَا الحبيبُ محمّدٌ منقِذُنا.. نَعمْ مُنقِذُنَا.. صَلّى اللهُ عليكَ يا محمدُّ.. يا نورُ تَجسَّدَ.. يا مِسكُ وأزيد.. كلُّ القُلوبِ في تَيهٍ دونَكَ.. وكلُّ القلوبِ في رَواءٍ منكَ.. وكلُّ القلوبِ مدارسُ للعشقِ أسَّستْها مَناهِجُكَ.. كُلُّ المعاجِمِ حيّرتَهَا فيكَ.. إنْ عزمتْ على وَصفِ حَرفٍ منكَ.. فالجبالُ لولا نَقشُها اسمَكَ في عُروقِها لَمَا رَسخَتْ.. والسماءُ لولا أنّ قماطَهَا من نورِكَ لَمَا ثَبتَتْ.. والأرضُ لولا احتِواؤُهَا ذاكَ الرّذاذ المُتبقّي مِن وطأتِكَ الشّريفةِ لَمَا أزهرَتْ وأينعَتْ.. الحرفُ عنَكَ لا يستوفيكَ.. والبحرُ بطولِهِ يفندُ ولا يحويكَ.. والنفسُ وإن عزمتْ لن تبلغَ فيضَ ما فيكَ.. وهَا أنا أقفُ فِي داخلِ الفكرِ.. أنزعُ أهوائِي.. ورأسَ الذاكرةِ.. المتَّسخَةِ بأحشاءِ الغِيبةِ، بدِماءِ الكَذبِ، بزَيفِ الغِوايةِ.. لعلّي أطهِّرُ نَفسِي.. وأبدأُ مِشوارَ البحثِ عنِّي فِي ذاتِكَ العَطرَةِ.. لألتمسَ من جودِكَ الرّحمةَ، والعفةَ، والإيمانَ، والطَّهارةَ.. دُلَّني إليكَ.. فمِنكَ أَصِلُ إلى اليقين، وباليقينِ أَصِلُ إلى اللهِ (عزّ وجل).. أشهَدُ أنَّ حبّكَ غايَةٌ.. وأشهدُ أنَّ غايتَكَ جنةٌ.. وأشهدُ أنَّ الجنةَ عنوانُهَا بالصَّلاةِ علَى محمّدٍ وآلِ محمدٍ..