رياض الزهراء العدد 220 طفلك مرآتك
القناعة كنز السعداء
في إحدى القرى الصغيرة، أخذت الشمس تغرب ببطءٍ، وكان الأطفال يلعبون في الباحة الواسعة. كان (إحسان) يلعب مع أصدقائه بسعادة وفرح، بينما كان يجلس (أمجد) لوحده في زاوية من الباحة بوجهه الحزين، فلمحه (إحسان) فجأة واقترب منه، وقال بلطفٍ: ــ ما بك يا صديقي؟ هل أزعجك أحد؟ هز (أمجد) رأسه بعصبيةٍ وقال: ــ دعني وشأني، فلا شأن لك بي. ابتسم (إحسان) ابتسامة دافئة، وقال: ــ لا شيء يستحق الغضب، تعال والعب معنا واستمتع بوقتك. تنهد (أمجد) وقال: ــ لا أحد يستطيع مساعدتي، فابتعد عني رجاء. راح (إحسان) يفكر في طريقة يساعد فيها (أمجد)، فذهب مسرعا إلى البيت، وأخبر جدته بالأمر، وطلب منها أن تأتي معه، وتتحدث مع (أمجد). ذهبت الجدة مع حفيدها، ووجدا (أمجد) ما يزال في المكان ذاته، وبالنظرة الحزينة ذاتها. جلست الجدة بالقرب منه، وقالت: ــ لقد أخبرتني والدتك أنك حزين منذ انتقالكم إلى هنا، حزين من أجل بيتكم الجميل الذي فقدتموه، وأنك تستصعب العيش في بيتٍ متواضع، سأحكي لك قصة، فاستمع لها جيدا: كان هناك رجل يدعى الحسين بن علي (عليهما السلام)، كان يعيش في المدينة المنورة مع عائلته الكبيرة في بيوتهم آمنين، حيث المحبة والطمأنينة والسلام، لكنه في وقت معين اضطر إلى ترك بيته الجميل، وخرج مع أحبته؛ ليدافع عن الحق، فرحل إلى ربه شهيدا صابرا راضيا بما قسم الله تعالى له، قتله الأشرار هو وأهل بيته وأصحابه، وأحرقوا خيامه بعدما نهبوا ما فيها، وسبوا نساءه وأطفاله، لكن الله تعالى عوضه عن كل ذلك بأجر لا يوصف، وقد تعلمنا جميعا الصبر منه، وعلمنا كيف نتقبل تقلبات الحياة. تأمل (أمجد) في القصة، وشعر أن الحزن بدأ يتلاشى من قلبه، وفهم أن السعادة ليست في البيوت الكبيرة، بل بالقلوب العامرة الممتلئة بالحب، والإيمان، والرضا، وأيضا تعلم من واقعة عاشوراء أن البيوت مهما علت، والمال مهما كثر، فإن هذه الأشياء زائلة لا تبقى، بل يبقى الحب والرضا والإيمان خالدا، كخيام الحسين (عليه السلام) التي ما تزال تنصب في قلوب الطيبين إلى يومنا هذا. ومنذ ذلك اليوم تعلم أمجد كيف يكون راضيا، قنوعا مهما تغيرت أحوال الدنيا وتقلبت.