لنرب أطفالنا على حب المعصومين (عليهم السلام)
منارات حق، وسفن نجاة، ومصابيح تضيء دروب الحياة... هم الحبل الممدود بين الخالق والمخلوقين، من تمسك بهم نجا وصار من الصالحين، ومن تخلف عنهم تردى وكان من الهالكين، إنهم محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين). هم الذين أمرنا بمودتهم، واقتفاء أثرهم، والسير على نهجهم، ومن حقوق أولادنا علينا أن نربيهم على حبهم، ونغرس في حدائق نفوسهم بذور معرفتهم؛ ليزهر خلقا طيبا، وعملا صالحا، ونهجا مستقيما، وهذا مما يدعونا إليه العقل والنقل. فالعقل يحكم بوجوب شكر المنعم، ولو تأملنا في حال العالم قبل بعثة النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) وعرفنا أنه بعث نورا، وهدى، ورحمة للعالمين، حينها لا نملك إلا أن نطأطئ رؤوسنا خضوعا، وحبا وشكرا لهذا اللطف العظيم. وإحدى صور الشكر هي أن نعرف أطفالنا على النبي وأهل بيته (صلوات الله عليهم) الذين أكملوا مسيرته، وساروا على دربه، وملأوا الدنيا بهديهم، وروائع إفاضاتهم التي تهدي من تمسك بها إلى الكمال والسعادة في الدنيا والآخرة. وإذا تأملنا النقل، فسنجد الكثير من الآيات والروايات التي حثت على مودتهم، وتبين أنها الباب الذي يوصل إلى الكمال اللائق بمن ينتمي إليهم، ويحيا تحت ظلهم، فعن النبي (صلى الله عليه وآله): "لا يتم الإيمان إلا بمحبتنا أهل البيت"(1)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "أسعد الناس من عرف فضلنا وتقرب إلى الله بنا وأخلص حبنا، وعمل بما إليه ندبنا وانتهى عما عنه نهينا، فذاك منا وهو في دار المقامة معنا"(2)، وغيرها الكثير. ومما ورد في شأن تربية الأبناء على حب أهل البيت (عليهم السلام) حديث النبي (صلى الله عليه وآله): "أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن"(3)، فإذا أردنا استقامة أولادنا وضمان صلاحهم، فعلينا أن نقدم لهم أفضل هدية تنفعهم في حياتهم وبعد مماتهم، ألا وهي ربطهم بسادتهم (صلوات الله عليهم)، وأفضل طريق إلى ذلك هو أن نكون قدوة حسنة لهم، يرون في سلوكنا سيرة أهل البيت (عليهم السلام)، مع حرصنا الدائم على ذكرهم، والاستشهاد بكلماتهم ومواقفهم، وبيان أخلاقهم وعلمهم وحكمتهم، كذلك نركز على تحفيظ أولادنا روايات أهل البيت (عليهم السلام)، ونحثهم على التمسك بمضامينها والسعي إلى تطبيقها، ونربط ذلك بالفوز والنجاح في الدنيا والآخرة: (ومن يطع الله ورسوله يدخله جناتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذٰلك الفوز العظيم) (النساء:13). ................................. (1) أهل البيت (عليهم السلام) في الكتاب والسنة: ص399. (2) المصدر نفسه: ص92. (3) المصدر نفسه: ص405.