رياض الزهراء العدد 220 تاج الأصحاء
أثر التدفق النفسي في الصحة العقلية والنفسية للفرد في شهر محرم الحرام
(التدفق النفسي) حالة عقلية يصل إليها الفرد عندما يكون منغمسا بشكل كامل في نشاطٍ ما، إذ يشعر بالتركيز والانسيابية، ويفقد الإحساس بالوقت والذات، وتعد هذه الحالة حالة مثالية لتحقيق الأداء الأمثل، والرضا الشخصي. هناك أنواع مختلفة من (التدفق النفسي) التي قد يجربها الفرد بناء على النشاط الذي ينخرط فيه، منها (التدفق الإبداعي) الذي يحدث عندما ينغمس الفرد بنشاط إبداعي كالكتابة وغيرها، و(التدفق الرياضي) الذي يظهر عند ممارسة النشاطات الرياضية كالمشي وركوب الدراجات، و(التدفق التعليمي) الذي يحدث عندما ينغمس الفرد في عملية التعلم، كقراءة كتاب ما أو دراسة موضوع معين، فضلا عن (التدفق الروحي) الذي يحدث عند الانغماس بالأنشطة الدينية، كالصلاة، والزيارة، والدعاء. و(للتدفق النفسي) فوائد عديدة، أهمها تحسين الأداء والإنتاجية، ففي حالة التدفق يتمتع الفرد بمستوى عالٍ من التركيز والانسيابية، مثلما يعزز من الرفاهية النفسية، والرضا الشخصي، والسعادة، ويقلل من التوتر والقلق، فيكون بمنزلة الهروب الإيجابي من ضغوط الحياة اليومية، ويعمل على تحسين التعلم والنمو الشخصي، فضلا عن زيادة الإبداع، وتعزيز العلاقات الاجتماعية والتواصل الفعال مع الآخرين. إن تأثير (التدفق النفسي) في شهر محرم الحرام يكمن في التواصل الروحي عن طريق التفاعل المكثف مع الطقوس الدينية، والتأمل والتفكر في القيم والمبادئ الإسلامية التي تسهم في تعزيز الصحة العقلية، مثلما أن مجالس العزاء المقامة على مصاب سيد الشهداء (عليه السلام) تعمل على تعزيز الشعور بالانتماء والتواصل، فضلا عن الدعم النفسي الذي توفره تلك المجالس والتجمعات للأفراد؛ للتعبير عن مشاعرهم وإحساسهم بالمناسبة، إضافة إلى المشاركة في الطقوس الدينية والالتزام بالعبادات طوال شهر محرم الحرام الذي يساعد على تعزيز الانضباط الذاتي والالتزام بالجدول الزمني اليومي، والشعور بالهوية والانتماء إلى المجتمع الديني، وتحقيق الاستقرار النفسي، والشعور بالأمان، والتعلم والنمو الشخصي عبر الاستماع إلى الخطب والدروس الدينية، واكتساب معرفة جديدة، وتطوير فهم أعمق للقيم والمبادئ الإسلامية. (للتدفق النفسي) أثر كبير في الصحة العقلية والنفسية، فهو يعمل على تحسين الذاكرة والتعلم، ويعزز من القدرة على تخزين المعلومات واستذكارها، ويعمل على تعزيز الشعور بالتحقيق الذاتي والشعور بالاندماج التام، والرضا عن النفس، مما يعزز بدوره من الثقة بالنفس، ويعزز من الصحة العاطفية، ويقلل من التأثيرات السلبية للمشاعر، كالاكتئاب والقلق، وزيادة القدرة على مواجهة التحديات والمشكلات اليومية، مما يعزز من الشعور بالقدرة على التكيف والمرونة النفسية، وتحقيق التوازن النفسي والسيطرة على ضغوط الحياة اليومية، فضلا عن تحقيق الرضا والإنجاز، فالأنشطة التي تدفع إلى حالة التدفق، تتيح للفرد الشعور بالإنجاز والرضا الشخصي، مما يسهم في تحسين مزاجه العام، وإحساسه بالسعادة. يمكن الوصول إلى حالة (التدفق النفسي) عن طريق وضع أهداف واضحة ومحددة يمكن تحقيقها، واختيار الأنشطة التي تحقق التوازن بين المهارة والتحدي، والحفاظ على التركيز، والتخلص من المشتتات، وهناك استراتيجيات تساعد على تعزيز (التدفق النفسي) عن طريق التخطيط الجيد، أي تقسيم الوقت بشكل جيد بين الأنشطة الدينية، والاستراحة، والتفاعل الاجتماعي عبر المشاركة في الأنشطة الجماعية والمجالس الدينية، وتخصيص وقت للتأمل في القيم والمبادئ الإسلامية؛ لكي يساعد ذلك في تعزيز الاستقرار النفسي والسلام الداخلي، مستذكرين قوله تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) (الحج:32(.