أرى
في التحامنا الاجتماعي وانسجامنا الروحي وتوافقنا الفكري، أرى أننا نستطيع أن نُكوّن مجتمعاً متماسكاً، نجمع به طيفاً متنوعاً يثمر عنه إنسان واعٍ، هو محور الحياة. هَمسةٌ ناعمةٌ ترميم البيت دائماً وأبداً نستخدم كلمة (ترميم) للبيت الذي يسكن فيه الجسد المادي, فيكون بيتاً أنيقاً فارهاً بموادّه وإكسسواراته إلّا أننا لسنا سعداء فيه!؛ لأننا دائماً وأبدًا نهتم بترميم القشور على حساب اللباب.. فننسى أنّ بداخلنا بيتاً له أبواب ونوافذ تحتاج إلى ترميم, فقد يكون بداخلنا بيتٌ مهترئٌ مظلمٌ يتلمس نوراً ليُضاء, وإلى وضوء فيتطهر, ويؤثّث بالجاذبات القرآنيّة, والروحيّة النبويّة, والملكات الإمامية, المحفّزة على النشاط والحيويّة والتفاؤل التي تسعى إليها الروح المطمئنة. أمّا البيت الثاني وهو القلب، بيت الروح والذات غير المرئيّة, فهو متجلٍّ في قلوبٍ نورانيّة شفافة، تعكس ما به من إيمان؛ لأنه قلب واعٍ لأفعاله, ومسيطرٌ على هفواته, ومتيقظٌ لمشاعره ومكوناتها؛ ولهذا ينعم قلبٌ كهذا بالسلامة من الأمراض الباطنيّة, ويكون صاحباً للنفس المطمئنة حتى ولو عاش في بيتٍ بسيطٍ؛ لأنه إنسان سعيد راضٍ قانع, وفي جميع الأحوال متواضع. حكاية لبيتين ينبغي علينا بسطها كلّ البسط حتى لا نقعد ملومين محسورين، فهل اعتنينا بالبيت الداخلي؟ وهل كنّا ممّن رمم النفوس وسبّح الخالق في غمراتها قبل أن نعمّر القصور الفارهة. *********************************** هُمومٌ تربويةٌ زرعوا فأكلنا للتقليد نبضٌ خاصّ في سيكولوجية بني البشر، إذ تُبنى شخصية الإنسان عن طريق ما يأخذ من سلوكيات وأفكار وقيم ومبادئ مَن يبصرهم في النظرة الأولى، ليرتدّ إليه طرفه على مجتمع بعد أن انطبع في ذهنه ما اكتسبه من ثقافات تربوية متعددة, تنوعت بحسب أبجدية احتياجاتها في مدرسة الحياة اليومية؛ لأننا نعيش في بيت قد نحتلّ به رقماً من الأرقام التي أنعم الله (عزّ وجل) بها على هذا البيت؛ ولنكون خير سفراء لِما تعلّمنا من قيم ومبادئ أمام من هم أصغر منّا سناً. فسلوك الأفراد ما هو إلّا حصيلة تفاعل الشخصية مع البيئة، ونتيجة للصفات الوراثية والمؤثرات الاجتماعية التي تؤدي دوراً بارزاً وأساسياً في تحديد السلوك. لنفهم ما قرأنا للسيّد الخميني من بعض كلماته العرفانية: "إذا نظّف العبد أرض قلبه من أشواك الأخلاق الفاسدة وأحجار الموبقات وسباختها، وبذر فيها بذور الأعمال، وسقاها بماء العلم الصافي النافع والإيمان الخالص، وخلّصها من المفسدات والموانع مثل العجب والرياء وأمثالهما التي تعدّ بمثابة الأعشاب الضارّة العائقة لنموّ الزرع، ثم انتظر ربّه المتعالي ورجاه أن يثبّته على الحق، ويجعل عاقبة أمره إلى خير، كان هذا الرجاء مستحسناً..". *************************************** هِباتٌ نفسيةٌ زهور من بستان من كتاب (كنز في أعماقك، نصائح ذهبية للمرأة العصرية), للكاتبة (هناء رشاد). وأول أزهارها (حياة أرحب) "الحياة لا تقف، بل حقّقي ذاتك وأشبعي فراغك عبر اكتشاف هواية وإبداع ما في داخلك، حيث تنطلقين إلى حياة أرحب..". ثانيها (وحشة الصقيع) "اصنعي صحبة طيبة وامنحيها, فإنّ الصديق الوفي خير أنيس في مناخ الوحشة والصقيع". ثالثها (حلمٌ قديم) "عندما يكون الماضي حزيناً ويستدرجك إلى بؤرة معتمة انتفضي وتطلّعي إلى الأمام، وتعلّمي الجريان نحو الحياة كدفق الماء السيّال". رابعها (عرفت أمي) "حزم الأم ورقّتها, وحنوّها وقسوتها.., فكلما تكبرين تعرفين السرّ.. تفهمين أنّ قلب الأم هو الدفء الحقيقي..". خامسها (ما زلتِ صغيرة) "لا تتعجّلي الأيام أيتها الصغيرة، وتلهثي وراء حلم الفتيات اليافعات، واستظهار الأنوثة من التقليد في الملبس والتبرج كالنساء، عيشي سنيّ عمرك، فالزهرة حتماً ستتفتّح". سادسها (قصاصة في الهواء) افرضي وجودك على الحياة, وادفعي باب الحياة بقوة, واقدمي عليها بقلب ذلك الجندي الشجاع، لتعبري كلّ الجسور حيث الأمن والأمان، وفي النهاية كوني ذات وزن حتى لا تكوني في الهواء قصاصة". سابعها (قمة الجبل) وتقول الكاتبة: (تمسكي بوظيفتك في الحياة كطالبة, فدائماً لابدّ من أن تكون مساهماتك في الحياة، ولا تبخلي أبداً، أعمريها بإبداعاتك أيّاً كانت هذه الإبداعات لتأتي وتشعلي فرصة الإنجاز، وتشعلين الحماس، وأضيفي المزيد الجيد لتواصلي رحلة الإبداع). توقفنا بقطف الزهرة السابعة من بستان (هناء رشاد), لنكمل في العدد القادم زهوراً وجدت الكاتبة أنها تسهم في بناء شخصية الفتاة.