رياض الزهراء العدد 221 طفلك مرآتك
هذا هو صديقي المؤمن
إنه الخامس عشر من شهر صفر الأحزان، عزم (مرتضى) ذو الخمسة عشر عاما على المسير إلى مرقد سيد الشهداء (عليه السلام) بعد أنْ جهز متطلباته ليخرج صباحا عندما يشق الضوء جيب الليل، لكنه كان في قرارة نفسه يود أنْ يصطحب معه صديقه (مجتبى) الذي أقعده القدر على كرسي متحرك قبل (3) أشهر بحادث سير عندما كان يعبر الشارع. أخذ (مرتضى) يحدث نفسه: هل اصطحبه معي؟ لا، إنها مسؤولية كبيرة، سأذهب وأعود ولا أخبره. كان الاستفهام يأكل رأس (مرتضى) بين القبول والرفض، وقد قرر أنْ يستشير أخاه الأكبر في الأمر، فطرق باب غرفته قائلا: - أتسمح لي بالدخول؟ - تفضل يا مرتضى. - أود أنْ أحدثك بموضوع قد شغلني منذ ساعات. - اجلس، وقل ما يشغلك. - غدا سأذهب إلى زيارة مولاي سيد الشهداء (عليه السلام)، وأود أنْ أصطحب مجتبى، فما رأيك؟ - أحسنت، قرار صائب، وسيجزيك الحسين (عليه السلام) عن ذلك خيرا. - حسنا، سأذهب وأخبره بالأمر. خرج (مرتضى) يلملم خطواته نحو دار (مجتبى) ليخبره، وما إنْ وصل حتى رآه جالسا أمام شاشة التلفاز والدموع تنهمر من عينيه، فقال: - مجتبى، ما يبكيك؟ - الخروج سيرا على الأقدام إلى مولاي الحسين (عليه السلام)، فكيف لي أنْ أسير وأنا مقعد على هذا الكرسي، وأبصر الزائرين ولا أستطيع أنْ أسير معهم؟ - هذا ما جئتك من أجله يا حبيبي. - كيف ذلك؟ - جئت لأخبرك بأني سأذهب يوم غد سيرا نحو الجنة، وأريد أنْ تصحبني في المسير، فما رأيك؟ - أتمزح معي؟ - لا، جهز نفسك، وفي الخامسة فجرا سأكون بانتظارك. لم يستطع (مجتبى) أنْ يلملم كلماته، فاختلطت مشاعر الحزن والفرح معا، فانسكبت على وجهه المتعب الدموع، فاكتفى بعبارة (إنْ شاء الله تعالى) ما إنْ دقت الخامسة فجرا حتى دق (مرتضى) الباب على صديقه ليبدآ مسيرهما نحو الجنة معا، خرج (مجتبى) وعينه تلمع من الفرح، لم يصدق ما هو فيه الآن، فتبادرا السلام، وأخذ (مرتضى) يدفع ذلك الكرسي، وبدأ (مجتبى) يتلو آيات من الذكر الحكيم، حتى وصلا إلى العمود (٩٠)، فجلسا يستريحان في أحد بيوت الرحمن.. وضع (مرتضى) رأسه على جانب الكرسي، فنظر إليه (مجتبى) بحزنٍ قائلا: - لقد أتبعتك كثيرا. - ماذا تقول؟ لن تتعبني، فأنا سعيد برفقتك يا صديقي، أنت أخي وصاحبي، وهذا ما تعلمته من أصحاب سيدي ومولاي أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، أنْ لا أدع صاحبي، وأصطحبه في كل خير، ولا يوجد خير أكثر من السير إلى كربلاء. - شكرا لك يا صاحبي، لن أنسى فضلك علي. - العفو، الفضل لله تعالى، لم أفعل غير واجبي، هيا بنا نكمل المسير.