تربية الأولاد بين إرث الماضي واحتياجات الحاضر

سعاد عبد الكريم السبعاوي/ بغداد
عدد المشاهدات : 9

في ظل تسارع وتيرة الحياة وتغير مفاهيم المجتمعات، بات من الضروري أنْ نعيد النظر في أساليب التربية بعيدا عن التقاليد والمعتقدات القديمة التي لم تعد تجدي نفعا مع الجيل الجديد، فقد أصبح الأطفال اليوم أكثر ذكاء، وأكثر انفتاحا على العالم، بل أكثر حساسية، إنهم لا يحتاجون إلى الأوامر الصارمة أو العقاب، بل إلى الاحتواء، والتفهم، والحب. الجيل الجديد يتسم بالعناد والتمسك بآرائه، لكنه في الوقت ذاته عاطفي جدا، ويحتاج إلى جو عائلي دافئ وسليم، يمده بالأمان لا بالخوف، وبالثقة لا بالتهديد، وهنا تبرز أهمية أنْ يكون الأهل أصدقاء لأبنائهم، يتحدثون إليهم لا عليهم، ويستمعون قبل أنْ يحكموا، ويحتوون قبل أنْ يعاتبوا. والمراقبة أيضا ضرورية، لكن لا بقصد المحاسبة أو العقاب، بل من أجل الاطمئنان والدعم، فإنْ وقع الأبناء في الخطأ -وهو أمر طبيعي- فعلينا أنْ نعالج الخطأ بالحكمة لا بالغضب، وبالوعي لا بالعنف، فمعالجة الخطأ بخطأ أكبر لا تعلم الطفل، بل تدمر شخصيته، وتخلق فجوة بينه وبين الوالدين يصعب ردمها. أطفالنا أمانة في أعناقنا، وهم رسالتنا في هذه الحياة، وحين نربيهم على الحب، والتفهم، والاحترام، فإننا نغرس في نفوسهم قيما تبقى معهم طوال الحياة، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "قال رسول الله ... رحم الله عبدا أعان ولده على بره...."(1) فلنتذكر أن التربية مسؤولية لا تنتهي، وهي فن يقوم على الحب لا على السلطة، وعلى الحوار لا على الصراخ، فبهذه الطريقة نربي جيلا سويا، قادرا على مواجهة الحياة بثقة ووعي وسلام. ..................................... (1) شرح رسالة الحقوق: ص597.