لنرب أطفالنا على مكارم الأخلاق
ما الطفولة إلا صفحة بيضاء ناصعة، تبسط بين يدي المربي كرقعة من نور؛ ليملأها بالقيم، والمبادئ، والأخلاق، فتتلألأ بجمالها السطور. هي كالأرض الخالية المعدة لكل غرس ونماء، تزرع فيها أولى بذور الأخلاق التي ستورق وتزهر، وتثمر خيرا كثيرا متى ما تعهدها المربي بالري والعطاء. إن التربية على مكارم الأخلاق ليست ترفا، بل ضرورة لمن فقه دوره، وأدرك مسؤوليته تجاه فلذة كبده، وخطورة موقفه بين يدي ربه غدا إنْ سأله عن الأمانة التي استودعها عنده، فمن أولى واجبات الآباء ومهامهم تجاه الأبناء، تربيتهم وتهذيبهم وتعليمهم الخلق الحسن عن طريق سيرة ومسيرة الآباء أنفسهم؛ فالأطفال يتأثرون بسلوك أبويهم أكثر من كلامهما وإرشاداتهما، إذا حري بكل أب صالح وأم واعية أنْ يكونا على قدر كبير من تحمل المسؤولية، ويتعاملا بصورة صحيحة تعزز من القيم والمبادئ الأخلاقية. ولابد أيضا من تنقية البيئة المحيطة بالطفل في هذه الرحلة المضنية عن طريق اختيار مجتمع يساعد المربي على أداء مسؤوليته تجاه ولده، ولا يكون حجر عثرة في طريقه. وكي نبني الأخلاق والسلوكيات الطيبة لدى الأطفال، فلابد من أنْ نحدد السمة التي نريد غرسها في شخصيتهم، ومن ثم نقوم بعرضها عليهم عن طريق القصص والحكايات النافعة التي تركز على القيم، وتبين الدروس والعبر التي تنطوي عليها المواقف، وكذلك نعتمد منهج الحوار لنبين لهم أهمية السمة، وقيمتها، ودورها في بناء شخصية حاملها، وفي رسم طريق السعادة لمن يتحلى بها، ومن ثم تشجيعهم وتدريبهم عليها، وقبل كل ذلك من الضروري أنْ نتحلى نحن المربين بها، ونكون قدوة حسنة لهم في تمثيلها وتجسيدها. ولا ننسى أهمية تشجيع الطفل في حال التطبيق السليم لها بكلمة طيبة، من قبيل: بارك الله فيك يا عزيزي، أحسنت يا مؤمن، بوركت يا صالح، وما شابه ذلك. وأخيرا: إن رحلة التربية طويلة، والمهمة شاقة، تتطلب التضحيات النبيلة التي لا يقوى عليها إلا من هذب نفسه، وأحسن الارتباط بخالقه، واطلع على سيرة سادات الخلق وخير البرية محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) الذين اجتمعت مكارم الأخلاق في شخصياتهم، وتجسدت في أفعالهم، وأقوالهم، وسائر مفاصل حياتهم، فحري بمن أراد أنْ يرى في أولاده قرة عين له أنْ تكون مجالس أهل البيت (عليهم السلام) ومنابر الخير التي تدعو إلى هديهم، والكتب التي تتحدث عنهم وعن كمالاتهم، نبراسا له، ونورا يهتدي به لأداء دوره، والنهوض بمسؤوليته.