رياض الزهراء الأخبار
المسرح الحسيني النسوي: لغة الفن في خدمة شعائر الأربعين
نجحت شعبة الخطابة الحسينية النسوية التابعة لمكتب المتولّي الشرعي للشؤون النسوية في العتبة العبّاسية المقدّسة في تقديم تجربة استثنائية في زيارة الأربعين عبر سلسلة من العروض المسرحية التي جسّدت واقعة الطفّ وأبطالها بلغة الدراما العزائية المؤثرة، هذا النشاط تحوّل إلى مساحة وجدانية عميقة جمعت بين الفنّ الهادف وروح الشعيرة؛ لتقدّم للزائرات أسلوبًا جديدًا في إحياء واقعة الطفّ الأليمة. العروض المسرحية التي قُدّمت طوال أيام الزيارة في مجمّع الشيخ الكليني (قدّس سرّه)، تنوّعت بين محطّات متعدّدة من السيرة المباركة لأهل البيت (عليهم السلام)، فقد استُهلّت بعمل درامي بعنوان "الحقّ الحقيق" جسّد ملامح من سيرة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) واستشهاده، وتبعه عرض "عرس الشهادة" الذي استعرض مأساة استشهاد القاسم بن الحسن وعليّ الأكبر (عليهم السلام) في مشاهد مؤثرة. أمّا العرض الثالث "نافذ البصيرة" فقد مثّل مشهد وداع قمر العشيرة أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) لخيام الحسين (عليه السلام)، ورسم صورًا خالدة لشجاعته وتضحيته، مثلما قدّمت الشعبة عرضًا مميّزًا خُصّص لتخليد ذكرى السيّدة رقية (عليها السلام)، تناول رحلة السبايا من كربلاء إلى الشام، وخطبة العقيلة زينب (عليها السلام) في مجلس يزيد، وما حملته من قوة الحقّ في مواجهة الطغيان. كان الأثر على المتلقّيات واضحًا عن طريق التفاعل الواعي مع العروض، إذ لم يقتصر حضور المسرح الحسيني على جانب المشاهدة فحسب، بل تحوّل إلى مدرسة تربوية وثقافية تغرس في نفوس الحاضرات لاسيّما الأطفال واليافعات معاني الفداء والصبر والشجاعة، وتقرّب إليهم القيم الدينية بأسلوب فنّي مبسّط وراسخ. وحرصت الشعبة على أن يكون العمل المسرحي منسجمًا مع أصالة الشعائر الحسينية، فاعتمدت نصوصًا موثّقة من الروايات الشريفة، وقدّمته بإخراج فنّي يحافظ على قدسية الموضوع، وقد أسهمت النصوص المقتبسة من السيرة الموثوقة في تعزيز المعرفة بتاريخ أهل البيت (عليهم السلام)، وربط الأجيال الصاعدة بالموروث الحسيني؛ ليصبح المسرح وسيلة تعليمية معاصرة تحفظ الرسالة وتورّثها للجيل الجديد بفاعلية أكبر. يعكس ذلك كلّه رؤية واعية من العتبة العبّاسية المقدّسة لتوظيف الفنون الهادفة في خدمة الشعائر، والمسرح الحسيني النسوي في زيارة الأربعين لهذا العام كان خير دليل على أنّ الفنّ عندما يُسخّر للقضية الحسينية، فإنّه يتحوّل إلى منبر آخر يضيف عمقًا وبُعدًا جديدًا للرسالة.