خطوة واحدة تكفي

خلود ابراهيم البياتي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 10

في عالم يملؤه الضجيج والصخب، وتتصارع فيه التحديات والأمنيات ليفوز من يملك الإرادة الأقوى المستمدة من النور الإلهي اللامتناهي، والمتسلحة بالثقة بالله تعالى، والسائرة على خطى النور المحمدي الأصيل، نجد هناك من تقبع في زاوية مظلمة، خائرة القوى، حزينة القلب، تلملم كل الأفكار التشاؤمية لتزرعها في أرض خيالها الخصبة؛ لتثمر إحباطًا ويأسًا، وكل ما ينجذب إلى تلك الأفكار. وفي مشهد آخر، إذ يشع بالأمل وراحة البال، نجد طفلةً صغيرةً تتعالى أصوات ضحكاتها، وترتسم على محياها أجمل الابتسامات وهي تخطو أولى خطواتها المتواضعة نحو السعادة، وتستثمر كل الفرص المؤاتية للتقدم نحو الهدف، فشتان ما بين المشهدين، فهناك من تتصور أن النجاح يتطلب مجهودًا وقفزات خارقة فوق طاقة الإنسان، أو أنه حكر على أشخاص معينين، بينما الحقيقة هي أن كل نجاح حاصل يبدأ بخطوة واحدة، متمثلة بفكرة بسيطة تدعمها إرادة قوية، وقرار ثابت بالمضي قدمًا نحو تحقيقها على أرض الواقع، وتمزيق شبكة الخيال التي تلتف حول الأقدام، فتوقع الإنسان وتلصقه في مكانه من دون حراك فعلي. نجد الكثير من العادات التي نعتقد أنها ثابتة ومستحيلة التغيير، يكون الخلاص منها بخطوة أولى، كالتدخين على سبيل المثال، فالخطوة الأولى تكمن في التفكير بمساوئه وأخطاره القاتلة، ثم تليها خطوة أخرى وهي إرادة الترك عبر تقليل عدد مرات التدخين، وكذلك الأكل بشراهة، وأضرار زيادة الوزن، وغيرها الكثير من الأمور السلبية في حياتنا، فتخيلي لو أن تلك الطفلة الصغيرة بقيت عند عتبة التردد ولم تقم بالتقدم بتلك الخطوة المتواضعة، لما استطاعت أن تشعر بالسعادة وهي تتجول في أركان البيت كأنها حمامة ترفرف بجناحيها. إن الوقوف والتردد، وعدم المبادرة والإقدام خشية الفشل، أو انتظار امتلاك نقاط الكمال، يغرق الإنسان تدريجيًا في بحر لا قرار له من الشعور بالعجز وعدم الفائدة من التحرك، فيتجمد المرء في مكانه ثم يذوب في المجتمع ويتلاشى، ولا يعود له أثر أو بصمة تذكر. في كل مكان، وفي كل حين هناك نافذة صغيرة نحو السعادة، مفتاحها في يديك أنت، ربما بقرار واحد شجاع، فنصف المعركة يكون في اتخاذ القرار، وربما يكون النجاة من الهم والحزن بقراءة آية كريمة، مثلما جاء في قوله تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) (الرعد:28). إن أكبر التحديات تبدأ بخطوة واحدة ثم تستمر؛ ليتسع الأفق بعدها وتتلاشى الصعوبات. ابدئي بالخطوة الأولى ولا تنتظري الظروف المثالية، فربما لن تأتي أبدًا، فخطوة واحدة تكفي لإحداث التغيير المنشود.