المعراج: سر النور ومقام القرب
إن المعراج ليس رحلة عابرة في الزمان والمكان، بل هو كشف عظيم عن مقام النبوة، وسمو روح النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الطاهرة حين يؤذن لها بالعروج، إنه تجلٍ لمقامٍ لا يطال، وعروجٍ لا يشبهه ارتفاع، ومعراج لا يدرك مداه أحد. في تلك الليلة لم يكن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) يسير وحده، بل كانت معه أمانة الرسالة، وسر الولاية، ونور الإمامة، كل ذلك كان يصعد معه طبقة تلو الأخرى، حتى انتهى به المقام إلى سدرة المنتهى، حيث لا قدم لبشر، ولا خطوة لملك، فقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: "لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى السماء، فبلغ البيت المعمور وحضرت الصلاة، فأذن جبرئيل وأقام، فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وصف الملائكة والنبيون خلف محمد (صلى الله عليه وآله)"(1). وليلة المعراج لم تكشف عن مقامات النبي (صلى الله عليه وآله) فقط، بل كانت إخبارًا عن أن خط النبوة لا يكتمل إلا بالولاية لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) والأئمة من ولده (عليهم السلام)، حيث النور الحقيقي، والميزان الذي يعرف به الإيمان من النفاق. ...................... (1) ميزان الحكمة: ج3، ص1866.