زهرة البيت الهاشمي
السيدة سكينة بنت الحسين (عليهما السلام) زهرة بني هاشم، ذات المكانة المميزة عند والديها، فكان للإمام الحسين (عليه السلام) أكثر من بنت، لكن حظيت السيدة سكنية (عليها السلام) بالمكانة الكبيرة والمعزة الخاصة في قلبه الشريف، وأوضح (عليه السلام) ذلك في أكثر من مقام، ففي يوم عاشوراء عندما حانت ساعة الوداع، وأراد (عليه السلام) توديع عياله، لاحظ عدم وجود ابنته سكينة فيما بينهم، فسأل عنها وعلم أنها لا تستطيع القدوم إليه، فذهب هو إليها، فلما وجدها جالسة تبكي، قال لها: سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي منك البكــاء إذا الحمام دهاني لا تحرقي قلبي بدمـــعك حسرةً ما دام مني الروح في جثماني فإذا قتــــــلت فأنت أولى بالذي تأتيـــــــنه يا خيرة النسوان(1) وهذا قول صريح منه (عليه السلام) أن بكاءها يؤذيه، وبلاشك أن باقي النساء كن يبكين في تلك اللحظات وليس السيدة سكينة (عليها السلام) فقط، مما يدل على مكانتها في نفسه، إضافة إلى نعته (عليه السلام) إياها بـ(خيرة النسوان)، فهي إشارة منه إلى عظيم نسبها وشرفها، فهي سليلة بيت الوحي والرسالة، وقد قال تعالى: (ذريةً بعضها من بعضٍ) (آل عمران:34)، فحري بها أن تكون خيرة النساء بعد جدتها الصديقة الزهراء (عليها السلام) وعمتها السيدة زينب (عليها السلام). ومما اشتهرت به السيدة سكينة (عليها السلام) أيضًا أنها كانت ذات ستر وعفة قل نظيرهما، فقد ورد عنها أنها قالت: "كنت جالسة في ليلة مقمرة وسط الخيمة، وإذا أنا أسمع من خلفها بكاءً وعويلًا، فخشيت أن يفقه بي النساء، فخرجت أعثر بأذيالي"(2)، فقولها (أعثر بأذيالي) يدل على أن ثيابها كانت تخط على الأرض، لاسيما أن الثياب الطويلة في رمل الصحراء تعرقل المسير. ومما جاء في فضلها ومكانتها، أن أباها الإمام الحسين (عليه السلام) كان يحبها ويسر لرؤيتها، ولما استعجب بعضهم ذلك منه، أنشدهم: لعمرك إنني لأحب دارًا تحل بها سكينة والرباب أحبهما وأبذل جل مالي وليس بلائمي فيها عتاب ولست لهم وإن عتبوا مطيعًا حياتي أو يغيبني التراب(3) السيدة سكينة (عليها السلام) العفيفة الطاهرة، الشريفة المطهرة، من خيرة النساء، ذات الخلق الرفيع، والزهد، والعبادة، والبيان، والفصاحة، والدراية، كانت تتصف بنبل الخصال، وجميل الفعال، وطيب الشمائل، يشهد لعبادتها وتهجدها أبوها الإمام الحسين (عليه السلام) بقوله: "أما سكينة فغالبٌ عليها الاستغراق مع الله"(4). فسلام الله عليها يوم ولدت، ويوم رحلت، ويوم يقوم الأشهاد. .................................. (1) موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام): ص589. (2) المصدر نفسه، ص483. (3) المصدر نفسه: ص982. (4) الكنى والألقاب: ج2، ص465.