الاقتران الميمون

نرجس مهدي/ كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 33

يا له من اقتران، الشمس والقمر قد اجتمعا تحت سقف واحد، وها هي كواكب الأسحار نزلت، واصطفت تحوم حول البيت تهلل وتكبر، وملائكة الرحمن تطوف بالبيت العتيق، تستغفر وتستبشر، وتتهادى الحور الحسان تقدس لله تعالى في الجنان، إنه ليوم بهيج حقًا. اقترن التاجان: تاج الرسل قاطبة، وتاج النساء، فالزوج أشرف خلق الله تعالى، مسك السماوات والأرض، سيد العرب والعجم محمد (صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين). أطهر أسرة خلقت، خلق الخلق والكون من أجلها، تركع الرفعة عندها، ويسجد السؤدد عند قدميها، اقترن الأمين بالطاهرة، ارتبط الصادق بالغراء خديجة بنت خويلد (سلام الله عليها)، كاملة الأوصاف، العفيفة، أخت مريم بنت عمران (عليها السلام)، لم تتجاوز العشرين من عمرها، سيدة قومها، الخفرة النقية، اللؤلؤة المصونة بين أصداف العفاف، اصطفاها الله حليلة للمختار، لتكون له عونًا وسندًا في مجابهة الفجار، وتكون السابقة في الإسلام، فهي أول من آمنت، وأول من نزل الوحي في بيتها، هي أم سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام)، فكانت نعم العون للمصطفى (صلى الله عليه وآله)، شدت أزره وقت الضيق. يا أم المؤمنين خديجة (سلام الله عليك): يا طاهرة الثياب ونقية الأنساب، قد قال فيك الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله): "قد رزقت حبها"(1)، وقال: "والله لقد آمنت بي إذ كفر الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقت مني الولد حيث حرمتموه"(2). كم يليق بك يا مولاتي هذا الوسام، يا رفيقة درب النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وعطر داره، عيناك المحبتان لا تفارقان شخصه، تقاسمت مع شريك حياتك السراء والضراء، تتوجسين عليه خيفةً كتوجس الأم على ولدها، تجلين عنه الألم والتعب بنظراتك الدافئة، وطمأنينة كلماتك، وثبات موقفك، فترفعين عنه الهموم والأحزان. ثم توج هذا الزواج المبارك بدرة الكون، إذ حملت بقطب الوجود، ريحانة أبيها وأمها، فتهلل البيت المبارك بقدوم الوحي الأمين، ليقدم التهاني والتبريكات من رب العالمين بولادة أم العترة الطاهرة (عليهم السلام). إيهٍ مولاتي خديجة، هنيئًا لك البشارة من رب العالمين على لسان الوحي الأمين: "بشر خديجة بقصر من قصب، لا صخب فيه ولا نصب"(3). نعم هذا هو العطاء وهذا هو الجزاء مثلما وعد الرحمن وقوله الحق: ﴿هل جزاء الإحسان إلا الإحسان﴾ (الرحمن:60). ............................ (1) شرح أصول الكافي: ج7، ص144. (2) بحار الأنوار: ج16، ص12. (3) المصدر نفسه: ج18، ص243.