السيدة سكينة (عليها السلام) درةٌ وأسوةٌ

زهراء سالم الجبوريّ/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 6

في مساءٍ محمل بالآه، كان صوت التلفاز يدوي في أرجاء ذلك البيت النجفي الصغير برثاء سيدة من آل البيت (عليهم السلام)، كانت (حوراء) ذات الأعوام السبعة تدور حول والدتها حينًا، وتقلب صفحات كتابها الدراسي حينًا آخر، وصوت الناعي يشق مسامع والدتها التي كانت ما تزال تذرف الدموع منذ بدء الخطيب برثاء السيدة سكينة (عليها السلام). جلست (حوراء) أمام والدتها ومسحت الدمع عن خدها، وبادرت بالسؤال: - علام تبكين يا أمي؟ ـ يا بنتي، أبكي على سيدتي ومولاتي سكينة (عليها السلام). - من تكون السيدة سكينة يا أمي؟ لقد سمعت باسمها من قبل ولا أعرف عنها شيئًا. أجابت الأم بحزن: ـ السيدة سكينة هي بنت الإمام الحسين (عليه السلام)، سأحدثك عن سيرتها عندما نفرغ من الصلاة. ـ حسنًا يا أمي. وقفت (حوراء) تصلي إلى جانب والدتها، وما إن فرغتا من صلاتهما، حتى جلستا والحزن يعلو محيا الوالدة: ـ حبيبتي حوراء. ـ نعم يا أمي. ـ مولاتنا السيدة سكينة هي إحدى بنات الإمام الحسين (عليه السلام) اللائي شهدن معركة الطف الأليمة. ـ لم سميت بالسيدة سكينة؟ - إن اسمها (آمنة)، ولقبت بـ(سكينة) لسكونها وهدوئها. - ومن أمها؟ - السيدة الرباب (عليها السلام)، حضرت السيدة سكينة (عليها السلام) إلى كربلاء مع والدها وأمها وإخوتها وأخواتها وجمع من بني هاشم، وأصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) الذين استشهدوا يوم العاشر من المحرم. بدأت ملامح الحزن تظهر على وجه (حوراء)، فقالت: - هل كانت كبيرة مثلك يا أمي؟ -لا يا حبيبتي، كانت صغيرة، ولم نعرف بالضبط كم كان عمرها في كربلاء للتعتيم الإعلامي على شخوص بيت الرسالة، لكنها شاهدت أهوال يوم عاشوراء، من قتل ذويها ومن حضر من الهاشميين والأنصار ماعدا الإمام زين العابدين (عليه السلام)، رأت والدها وأحبتها صرعى على رمضاء كربلاء. ـ أمي، يعني والدي شهيد كوالدها؟ ـ نعم يا عزيزتي، قد استشهد والدها يوم العاشر من المحرم وبقيت يتيمةً. ـ يتيمة مثلي؟ وماذا جرى بعد يا أمي؟ ـ لقد أسرت مع من أسر إلى الكوفة والشام، واضطهدوا أشد الاضطهاد، ثم عادوا إلى كربلاء، ومنها إلى المدينة المنورة. - أمي، هل ودعت والدها قبل استشهاده؟ - نعم يا حبيبتي، قبل أن يمضي الإمام الحسين (عليه السلام) إلى ساحة المعركة قبلها وضمها إلى صدره ومضى. - حوراء: هل كانت تبكي على والدها مثلي؟ - وكيف لا تبكيه؟ بقيت تبكي عليه حتى انتقلت إلى دار الخلود بعد ما قضت سنين حياتها بالحزن، متحلية بالصبر. - إذًا لست وحدي يتيمة، فهذه مولاتي سكينة (عليها السلام) يتيمة أيضًا، سأتحلى بالصبر مثلها، وأحتسب عند الله تعالى شهادة والدي حتى ألتقيه في جنات الخلود. - أحسنت يا عزيزتي، عليك بالصبر والسلوان، مثلما صبرت مولاتنا سكينة (عليها السلام)، فإنها كانت قدوة حسنة وأسوة لجميع الفتيات والنساء. - سأكون كذلك إن شاء الله تعالى.