فن الامتنان وكيفية إعادة برمجة العقل للشعور بالسعادة

يعرف الامتنان على أنه (ممارسة عقلية وروحية تهدف إلى التركيز على النعم وعلى كل ما هو إيجابي في الحياة، وأنه الشعور العميق بالتقدير، والاعتراف بالخير، سواء كان ذلك قادمًا من أشخاص وظروف، أو من التجارب الحياتية)(1)، ويطلق عليه اسم (فن)؛ لأنه يتطلب مهارةً، وتدريبًا مستمرا، فمثلما يتعلم الفرد كيفية رسم لوحة جميلة، فكذلك يتدرب المرء على رؤية الجمال في الحياة اليومية عن طريق ممارسة الامتنان يوميًا، فهو ليس مجرد شعور عابر، بل إنه عملية واعية، يمكن تطويرها لتعزيز التفاؤل والسعادة، والسلام الداخلي. للامتنان آثار في الدماغ، إذ يتمتع الدماغ بقدرة رائعة على إعادة تنظيم نفسه طوال الحياة عن طريق تكوين اتصالات عصبية جديدة فيما يعرف بالمرونة العصبية، ويؤدي الامتنان دورًا مهمًا في تعزيز إنتاج الناقلات العصبية، وتحفيز إنتاج الـ(دوبامين)، والـ(سيروتونين)، وهما ناقلان عصبيان يساعدان على الشعور بالسعادة والرضا، إذ إن التعبير المنتظم عن الامتنان، يؤدي إلى تحسينات طويلة المدى في الحالة المزاجية والعاطفية، وتنظيم الهرمونات المسؤولة عن التوتر، مما يؤدي إلى تهدئة الجهاز العصبي، والتقليل من مشاعر القلق، وتعزيز الشعور بالرفاهية، فضلًا عن إعادة هيكلة العمليات المعرفية، مما يساعد على تعزيز التحول في عملية التفكير من السلبي إلى التفكير الإيجابي لتدريب الدماغ ليكون أكثر انسجامًا مع الإيجابية، وتعزيز الاتصال العصبي، وجعل المسارات العصبية أقوى، مما يجعل مشاعر الامتنان والسعادة أكثر سهولة وتكرارًا، ويحسن من وظائف الدماغ عن طريق تنشيط عدة مناطق مهمة فيه المسؤولة عن اتخاذ القرار، ومن فوائد الامتنان تحسين الصحة العقلية، وتعزيز العلاقات الاجتماعية، وزيادة الشعور بالارتباط بالآخرين، وزيادة التفاؤل والرضا في الحياة، وتحسين الصحة الجسدية، وتقوية جهاز المناعة. يوجد العديد من الطرق الفعالة لإعادة برمجة الدماغ للشعور بالامتنان في الحياة اليومية، منها: 1ـ تخصيص مفكرة يكتب فيها الفرد (3) أشياء يشعر بالامتنان من أجلها مهما كانت بسيطة، فهذا العمل يساعد على رؤية الجوانب الجميلة في الحياة. 2ـ التأمل والتفكير الإيجابي بالأشياء الجيدة التي حدثت، ومحاولة الشعور بالامتنان تجاهها. 3ـ التعبير عن الشكر والامتنان للآخرين، وعدم التردد بشكرهم عندما يقومون بأشياء لطيفة، فالكلمات الطيبة توطد العلاقات، وتجلب السعادة للجميع. تذكري أن هناك العديد من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تؤكد أهمية الامتنان وشكر الله سبحانه وتعالى، كقوله تعالى: (ولئن شكرتم لأزيدنكم) (إبراهيم:7). ......................................... (1) الامتنان وعلاقته بجودة الحياة في ضوء بعض المتغيرات الديموغرافية، المجلة المصرية للدراسات، المجلد 32، العدد 117، ص 160.