رياض الزهراء العدد 222 الملف التعليمي
الأنشطة الفنية وذائقة الجمال في العلوم والمعرفة
إن عالم المعرفة والتعليم والتهذيب السلوكي ينتقل إلى الأجيال عبر قراءة التاريخ والأحداث، وفن المسرح هو أحد أبرز الطرق التعليمية عالية التأثير، إذ يقدم المسرح التربوي ثقافة رصينة تحيي الأمم، إذ يحمل الكثير من العناوين التربوية والراقية في طياته، فنجد في فحواها الأدب، والقضية، والتراث الشعبي، والصدق، والتعبير اللغوي والجسدي للأحداث والمواقف، ومما لاشك فيه أن من يدخل أروقة قصر العلم ويتجول في رحاب المؤسسة التعليمية، فسيدرك أن ستارة المسرح لها آثار تربوية لا تخفى على كل تربوي واعٍ. إن أهمية الأنشطة المدرسية والتربوية التي تندرج بدورها تحت مشهد واضح يبنى على التعريف بأبرز المهارات والمواهب المتنوعة والممتعة وأجملها، تجسد عن طريقها أبرز الشخصيات التاريخية والمعطاء، وكذلك أهم الأحداث والمناسبات، ويشمل أيضًا عرض المادة العلمية ومهارة تعديل السلوك عبر طريقة انتقالية بالتغذية البصرية الراقية التي تنم عن وعي ومغزى مهم لتغيير المسار السلبي للمتعلم في تعامله مع الآخرين إلى مسار إيجابي هادف. يأتي ذلك عن طريق منهج مسرحي يحتوي على المضامين التربوية المناسبة لأعمار الطلبة والعروض المطلوبة في إطار سياسة المدرسة، إذ يعمل المسرح على جذب الأنظار وشد المتلقين في العملية التربوية، ويعد أحد أركان النشاط التربوي ونافذة لطيفة للتفاعل مع الرسائل المطروحة عبر تجسيد المشاهد التمثيلية، ويكون اختيار المشهد وفق برنامج هادف وتخطيط مدروس يتناول الجوانب الساندة للعملية التربوية، إذ تسعى خشبة المسرح التعليمي إلى تقديم معالجات سلوكية، وصقل المهارات، وتنمية القدرات، والكشف عن الطاقات المدفونة داخل التلميذ، والإفصاح عنها عن طريق أداء الأدوار، وتعزيز الشجاعة الأدبية، وفي الوقت ذاته يعد المسرح من أدوات العلاج النفسي والسلوكي لبعض الحالات، كالخجل، والانطواء على الذات والعزلة عن طريق الطلب من التلميذ الذي يعاني من هذه المشكلات أداء بعض المشاهد البسيطة والظهور لبرهة من الوقت أمام أقرانه من المتعلمين، والتفاعل معهم بشكل مباشر؛ لكسر حاجز القلق والخوف والرهاب، فمشهد واحد قد يكون كفيلًا بجني الكثير من الثمار، وخفض مستوى التوتر النفسي، ومحطة وافية لتفريغ الشحنات السلبية التي تعتري بعض التلاميذ، ولابد من توظيف المسرح في المؤسسة التربوية بشكل سلس ليسهل على التلاميذ فهمه والتجاوب مع خصائصه المثيرة التي تعرض الأحداث بتوازن فكري ومعرفي، ومعالجة النصوص الموضوعة في دائرة اهتمام المتعلم. تتنوع العروض المسرحية بين العرض المنهجي لتعليم القواعد ومبادئ اللغة والأرقام، والعروض التي تسلط الضوء على الظواهر الاجتماعية والأخلاقية في المجتمع، ولا بأس من عرض بعض المشاهد التعبيرية الرمزية الصامتة التي تنمي الخيال لدى التلاميذ للسعي إلى فك شفرة الرسالة المطروحة عن طريق الحركات والانفعالات التي يؤديها ممثلي المشهد على المسرح. يسعى القائمون على المسرح التعليمي إلى إدخال المتعة إلى نفوس المشاهدين، وغرس روح التعاون والمبادرة فيهم، وإعداد شخصية متزنة يتحلى بها المتعلمون، فضلًا عن زيادة النشاط الحيوي لحواس المتعلم: السمعية، والبصرية، والحركية، واكتساب المعلومة عن طريق الرؤية الفنية الواقعية.