الخصائص المشتركة للمصاحف المصغرة في حضاراتٍ ثلاثٍ

تتسم المصاحف المصغرة بأبرز المظاهر الفنية والتاريخية، المتمثلة في براعة الخطاطين في تصغير النص المقدس مع الحفاظ على وضوحه وجماله عبر استخدام قلم دقيق جدًا، ولم تكتب هذه المصاحف الشريفة بقصد القراءة فقط، بل كانت تحمل للحماية، فمن يحملها يلوذ بكلماتها أن يحفظه الله تعالى بشأنها عنده، فهي الدرع الحصين لحاملها، وكانت تحمل في الملابس، أو تعلق على الرايات في الحروب، مثلما كان العرف السائد في الدولة العثمانية، أو كانت تقدم هديةً. أما عن الخصائص المشتركة بين المصاحف المصغرة، فتتراوح أبعادها بين (1سم × 1سم)، كمصحف المكتبة النمساوية، وأما الخط الشائع في كتابتها فهو الخط الغباري، وهو الأكثر شيوعًا، وهو مشتق من الخط الرياسي، ويكتب في الغالب بقلم دقيق جدًا، ويرى بالعدسة المكبرة. قدمت (3) حضارات مختلفة نماذج مميزة من المصاحف المصغرة، منها: 1ـ المصاحف الهندية: تتميز بالمزج بين الألوان المائية الأزرق والأحمر في كتابتها وتذهيبها، وتأثرها بالطراز المغولي عبر رسم زهور (اللوتس)، والإطارات النباتية، حملت للحفظ، وقدمت هدايا، أما المصاحف المغولية، فمن أندر نسخها مصحف ورقة شجرة (أكرا) المكتوب في العام (982هـ/1574م)، وهو مكتوب بخط النسخ الغباري، ويحمل اسم الناسخ: علي بن عبد الكريم الصيمري البصري. 2ـ المصاحف الفارسية والصفوية: مكتوبة بالخط الغباري، مع لمسات من خط الثلث في العناوين، وتعد من أكثر المصاحف زخرفةً بالذهب، مع خلفيات من الورق الأزرق والأحمر، وتصمم بشكل خاص لتحمل في علب معدنية، أو تخاط في الملابس، منها: مصحف نصير قمي (إيران، 784هـ/1382م)، وهو أصغر مصحف مثمن في العالم، بقياس (3.3×3.1 سم)، كتب بالخط الغباري، ويحمل اسم الناسخ وتاريخ النسخ، ويعرض في المكتبة الوطنية الإيرانية، ومصحف شيراز الذي يعود إلى القرن السادس عشر الميلادي، وهو مكتوب على ورق أزرق بحبر ذهبي، مصمم ليحمل في علبة معدنية معلقة. 3ـ المصاحف العثمانية: مكتوبة بخطي الثلث والريحاني، مذهبة بشكل كثيف مع إطارات ذهبية متداخلة، ونقوش تشبه النقوش الموجودة في المساجد العثمانية، منها: مصحف (السنجاق) الذي يعود إلى القرن الثامن عشر الميلادي، إذ كتب ليحمل على أعلام الجيش العثماني، وصممت صفحاته بشكل دموع مذهبة، أما مصحف البحارة العثمانيين فله ميزة نادرة وهي احتواؤه على بوصلة لتحديد اتجاه القبلة، وتعرض إحدى نسخه في مكتبة (الفاتيكان).