رياض الزهراء العدد 222 بريد القراء
كمال الجمال
قد تبهر بصرك وردةٌ نضرةٌ عطرةٌ، فتمسين حائرةً في تناسق شكلها البديع، مع جمال لونها وعطرها الزاكي، فيسرح خيالك في هذا الإبداع الذي يعبر عن قدرة لا متناهية، لم تترك أدنى تفصيل في صياغة تلك الوردة العطرة وخلقها، ولو أمعنت النظر جيدًا في شكلها وهي تعتلي الساق الأخضر ذات الأوراق التي انتظمت بشكل يسر الناظرين، لأصبحت أسيرة أسئلة تبدأ ولن تنتهي. حقًا إنه الجمال المتاخم للكمال. يا لعظمة الخالق، سبحانه الذي خلق فسوى، تنزه عن الخطأ جل وعلا، أبدع تصوير الأشياء بكل دقائقها، لن تري في خلقه من تفاوت، أفلا تستحق هذه النعم الشكر والثناء، والشكر العملي خير من الشكر اللساني بكثير، نعم من المحمود أن تشكري المنعم بلسانك، لكن شكره عمليًا عبر استخدام نعمه فيما يرضيه، والإحسان إلى الآخرين، سيكون سبيلًا إلى الحفاظ على النعم من الزوال أولًا، وتكونين قد أديت حق الشكر ثانيًا. نعمة الجمال تشبه إلى حد ما صفة الكمال، فلو أجرينا مقارنة بسيطة بينهما، فسنصل إلى أن الكمال قد يكون نتيجة الجمال إذا لم يكن العكس، فللجمال وجوه متعددة، منها جمال الصورة، جمال الروح، والخلق، ولكل وجه مقومات ومقاييس تتباين بحسب الضرورات، فتارة يكون جمال الأخلاق والروح في مقدمة أقسام الجمال الأخرى وفي الصدارة، وجمال الصورة قد يكون في آخر الركب لتقدم الأقسام الأخرى عليه؛ لما لها من تأثيرات كبيرة وأبعاد قد تأخذ حيزًا واسعًا يكون مصداقًا لتلك التأثيرات ومدى سعة نطاقها. فعندما تبتسم إحداهن في وجهك وأنت تجيبين عن سؤال تطرحه عليك، فستشعرين بالرضا والراحة النفسية؛ لأنها استخدمت وسيلة مرضية، وفاعلة في الوقت نفسه، معبرة عن المودة والاحترام، فالتحلي بجمال الأخلاق، والروح الرياضية النقية، تجعل من الأفراد أناسًا يتعاملون بحكمة عند مواجهة المشاكل، وإذا شاع هذا الجمال وأصبح ملكة في نفوسنا، فكيف ستكون الحياة؟ إن جمال الأخلاق، والروح، والشكل، يجعل منك إنسانًا متكاملًا يتماشى مع ما منح من مواهب ربانية، لا إنسانًا كاملًا، فالكمال لله تعالى وحده .