﴿وابتغوا إليه الوسيلة﴾(1)

رجاء علي البوهاني/كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 46

إنّ كثيرًا من المؤمنين حين يقصدون مراقد الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) تراهم يفزعون إليهم في طلب حوائجهم المستعصية، فيطلبون الذرّية، والمال، وحلّ المشكلات، ويشكون إليهم سوء حالهم، وقد يعترض مُعترض بأنْ لا تطلبوا من غير الله تعالى فهذا شركٌ واستعانةٌ بغير الله سبحانه، والحقيقة أنّ هذا التصرّف ليس شركًا ولا استعانة بغير الله تعالى؛ لأنّه ليس كلُّ طلبٍ للحاجات شِركًا، فنحن في حياتنا اليومية كثيرًا ما نطلب من الناس الحاجات ونلتمسها منهم، فالحياةُ قائمةٌ على الحاجة والطلب من الآخر، ولا نقول عن هذا الطلب والاستعانة إنّه شِرك، والطلب من أهل البيت (عليهم السلام) إنّما هو طلبٌ من الداني إلى العالي أنْ يكون وسيلتَه وشفيعَه إلى الله تعالى، وهذا لا يُعدّ شركًا ولا استعانةً بغير الله تعالى؛ لأنّه سبحانه هو مَن أمرنا أن نبتغيَ إليه الوسيلة، وقد فُسِّرت الوسيلةُ بتفسيراتٍ عدّة، منها: الفرائض، والنوافل، والتقوى، بل كلُّ ما كان إلهيًّا جاز التقرّبُ به إلى الله تعالى كوسيلة. ومن تلك الوسائل المقرّبة مثلما ورد في الأخبار هم أهل البيت (عليهم السلام)، ففقد جاء عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "الأئمّةُ من ولدِ الحسين (عليهم السلام)، مَن أطاعهم فقد أطاع الله، ومَن عصاهم فقد عصى الله، هم العروةُ الوثقى وهم الوسيلة إلى الله تعالى"(1)، فنحن نتوسّل إلى الله تعالى بهم، ونطلبُ حوائجنا منهم؛ لعلمنا أنّهم عبادُ الله المُخلَصون، وبعبوديّتهم الخالصة جعل الله سبحانه لهم مقامًا ومنزلةً وشفاعةً، ولا يقول أحدٌ من الشيعة باستقلالهم عن الله تعالى في قضاء الحوائج أو بالتفويض من دون إذنه، بل نعتقدُ أنّهم مخلوقون ومربوبون، لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم نفعًا ولا ضرًّا ولا حياةً ولا نُشورًا، فالشرك إنّما يكون إذا اعتقد الإنسانُ أنّهم مستقلّون عن الله تعالى استقلالًا تامًّا، أي نَسَب إليهم الألوهيّة، ولا يقول أحد من الشيعة بذلك، بل إنّ من مبادئ اعتقاداتهم عبوديّة الأئمّةِ (عليهم السلام) لله تعالى عبودية خالصة. .......................... (1) المائدة:35. (2) بحار الأنوار: ج36، ص 244.