رياض الزهراء العدد 223 رسالة المرأة
ضرورة انتباه الإنسان في الفعل الاجتماعي إلى آثاره التربوية في المجتمع
يجب أنْ يلتفت الإنسان في ممارسة الفعل الاجتماعي إلى الآثار التربوية للعمل في المجتمع بما يوجبه من الاحتذاء به والبناء على مشروعيته، وذلك لأنّ من طبيعة الإنسان أنْ يتأثّر ويحتذي بما يفعله الآخر، من غير انتباه بالضرورة إلى نوايا الآخر والملابسات الخاصّة لفعله. ومن ثم نلاحظ أنّ الوالدين يلاحظان في سلوكياتهما في داخل الأسرة تأثيرها التربوي في الأولاد، ولذلك يريان أنّ من اللازم عليهما أنْ يتركا جملة من المظاهر والسلوكيات التي لا جناح عليهما كزوجين فيها؛ لأنّهما يجدانها تستتبع تقليد الأولاد لهما، وليس هناك أيّ زوجين يهملان ملاحظة هذا الجانب في سلوكهما الأسري؛ لأنّ من الصعوبة إلفات الآخرين بخاصّة الأطفال والمراهقين إلى الاعتبارات الفارقة، فالأمّ مثلًا قد تتجنّب ارتداء بعض الملابس أمام البنت؛ لأنّها تحتذي بالأمّ فلن تستوعب الفرق بينها وبين الأمّ، فلا طريق إلى تربيتها إلّا أنْ تلتزم الأمّ بما تريد تربية البنت عليه. والحال في المجتمع العامّ كذلك، فالفعل الذي يمارسه الإنسان في المجتمع ذو بعد تربوي عام لنظر بعض أفراد المجتمع إلى سلوكيات بعضهم، وتأثّرهم بها واحتذائهم على مثالها، لاسيّما أنّ المجتمع يتألّف من جميع الناس، من أطفال، ومراهقين، وشباب، وناضجين، وشيوخ، فلابدّ من أنْ يكون الفعل ملائمًا لهذا المشهد بمستوىً مقبول. وعليه: فأنّ السلوك الراشد للفتاة لا يصحّ أنْ يُبنى على النظر إلى نواياها، بل ولا إلى خصوصياتها التي يحتاج الانتباه إليها إلى المزيد من الوعي والتأمّل، بل ينبغي أنْ يُبنى على ما يرسمه السلوك وفق النظر الأَوّلي في أذهان الآخرين، لاسّيما الأطفال، والمراهقين، وهو النظر المُتّبَع في النمط العام من الاقتداء والتأسّي الاجتماعي(1). ..................................... (1) رسالة المرأة في الحياة: ص 72- 74.