بين الدراسة الأكاديمية والورش التطويرية: من يبني شخصية الإنسان؟

ولاء عطشان الموسوي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 51

كثُرت الجامعات والكلّيات الجامعة الأهلية بعد عام (2003م) في العراق، وازداد عدد روّادها، حتى أصبحت الدوائر والمؤسّسات لا تستوعب الكمّ الكبير من الخرّيجين في مختلف التخصّصات، وإلى جانب ذلك فُتحت المراكز التطويرية والمنظّمات من أجل تدريب الأفراد وتطوير مهاراتهم، وتطوير الموظّفين وإمكاناتهم، إضافةً إلى فئات المجتمع المختلفة، والكثير من المشاركين في هذه الورش حصلوا على فرص للعمل على أثر اشتراكهم في الدورات، وبعضهم استغنى عن الوظائف الحكومية واكتفى بالعمل أو النشاط الشخصي الذي تهيّأ له بعد اشتراكه في الورش التعليمية التطويرية. فأيّ المجالين يعود بالفائدة على الأفراد: الدراسة الجامعية بمختلف تخصّصاتها، أم الدورات التطويرية؟ تقدّمنا بالسؤال إلى شرائح مختلفة من المجتمع، فشاركتنا إسراء حسين/ ماجستير تقنيات تخدير، رأيها قائلةً: المرحلة الجامعية محطّة لاقتناص الفرص بشتّى أنواعها؛ لذلك لا يجب التخرّج في الجامعة بالشهادة الجامعية فقط، فهي في معظم الأحيان لا تنفع في حال غياب شبكة العلاقات وتطوير المهارات، إذ يجب استثمار سنوات الدراسة بتكوين شبكة من العلاقات بين الشخصيات التي تقدّم الفرص أمام الطلاب، كالأساتذة، والخرّيجين السابقين ذوي التخصّص ذاته، أو العاملين في التخصّص الدراسي نفسه، مع أهمّية ترك بصمة إيجابية عميقة وواضحة، وحضور الدورات والورش التطويرية، سواء الإلكترونية أو الحضورية، فهي وسيلة مهمّة جدًا لسببين: أولًا: أنّها تزيد من الخبرات، ثانيًا: توطّد من العلاقات مع الأفراد الناجحين، إضافة إلى أهمّية تعلّم علوم الحاسوب والبرمجيات، وحزمة (مايكروسوفت) المكتبية؛ لكونها باتت جزءًا أساسيًا في كلّ وظيفة؛ لذلك أنصح الطلاب الجُدد باستثمار كلّ الفرص المتاحة عَبر الاشتراك والتفاعل، مع التعلّم الإضافي بصفته داعمًا للشهادة الجامعية. وقال عامر الخرساني/ مدير فنّي في دائرة العمل والتدريب المهني: يجد الطلاب اليوم أنفسهم أمام عالم سريع التغيّر، يتطلّب مزيجًا فريدًا من المعرفة الأكاديمية والمهارات العملية، فيجب الدمج بين الدراسة الجامعية والدورات التطويرية بوصفهما ركيزتين أساسيتين في بناء صرح العلم والمعرفة الذي يضيء درب الطالب نحو مستقبل مهني وشخصي ناجح، فبينما تركّز الجامعات على الجانب النظري والأسس المعرفية، يأتي دور الدورات التطويرية لتسدّ الفجوة بين الدراسة الأكاديمية وبين متطلّبات سوق العمل المتغيّرة باستمرار، فالدورات والورش التطويرية تمثّل جسر المهارات العملية، وتُمكّن الطلاب من اكتساب الخبرات التي يحتاجون إليها للتميّز في مجالات اختصاصهم. وأبدى عليّ الهاشمي/ باحث ومدرّب في أكاديمية الوارث للتطوير رأيه، قائلًا: الدورات والورش التطويرية تُحدث أثرًا أسرع وأوضح في شخصية الأفراد مقارنةً بالتعليم الجامعي وحده؛ لأنّها تركّز على المهارات الحياتية والسلوكية بشكل مباشر وتفاعلي، بينما التعليم الجامعي يبني القاعدة المعرفية والفكرية بشكل أكاديمي طويل الأمد. ومن حيث الأثر السلوكي والشخصي، فالدورات التطويرية من قبيل مهارة القيادة، والذكاء العاطفي، وفنّ التواصل، وإدارة الوقت، وغيرها، تغيّر من طريقة تفكير الفرد وسلوكه مباشرةً؛ لأنّها تعطي نتائج سريعة وملموسة، أمّا التعليم الجامعي، فهو أبطأ تأثيرًا من حيث السلوك، إذ يركّز أكثر على الجوانب المعرفية والتحليلية، ويمنح تأهيلًا نظريًا وتخصّصيًا للمهنة المستقبلية، وقد لا يطوّر من المهارات الحياتية أو الشخصية بشكل مباشر؛ لذلك مَن يريد بناء شخصية ناجحة ومؤثرة، فيجب أنْ لا يكتفي بالدراسة الجامعية فقط، ولا أنْ يعتمد على الدورات وحدها، بل يجمع بينهما ليحقّق التوازن والتقدّم المطلوب. إنّ الدراسة الأكاديمية يكون أثرها أقوى في شخصية الفرد إذا انضمّت إليها الورش والدورات التطويرية التي تعطي المساحة للأفراد بأنْ ينطلقوا بأفكارهم الإبداعية، ويطوّروا من مهاراتهم.