القناديل الزينبية في الحرم العباسي المطهر

مريم حميد الياسري/ كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 13

مثلما تسعى الفراشات إلى الضوء، يسعينَ في أروقة الصحن العبّاسي المطهّر، كأنّهنَّ قناديل مضيئة، يرسمنَ لوحة عطاء فريدة، تجمع بين العمل والعبادة، إنّها (شعبة الزينبيات) التي تعمل بجدّ واجتهاد لتقديم خدماتها النبيلة للزائرات الكريمات، متوّجات باسم فخر المخدّرات عقيلة الطالبيين السيّدة زينب الكبرى (عليها السلام)، مراعيات في عملهنَّ قداسة هذا الاسم وعظمته، مقتديات بابنة سيّد الأوصياء أمير المؤمنين (عليه السلام). عَبر هذه النافذة نتعرّف على جهود (شعبة الزينبيات)، وتفاصيل عملها المتميّز في خدمة الزائرات الكريمات الوافدات من أرجاء العراق، ومن مختلف بقاع الأرض عَبر اللقاء بمسؤولة الشعبة السيّدة سوسن أحمد الجبوري التي أجابت عن أسئلتنا متفضّلة: ـ نرجو أن تعرّفي القارئ الكريم على شعبة الزينبيات بنبذة موجزة: شعبة تابعة لمكتب المتولّي الشرعي للشؤون النسوية في العتبة العبّاسية المقدّسة، تقوم بتقديم كافة الخدمات الأمنية والصحّية للزائرات منذ لحظة دخولهنَّ من أبواب الصحن الشريف، ولغاية وصولهنَّ إلى الضريح المقدّس للمولى أبي الفضل العبّاس (عليه السلام). ـ كم عدد المنتسبات والمتطوّعات في شعبتكم؟ وكيف يتمّ التسنيق بينهنَّ؟ يبلغ عدد المنتسبات في شعبتنا (779) منتسبة، أمّا المتطوّعات فتزوّدنا (رابطة بنات الكفيل) التابعة لشعبة مدارس الكفيل الدينية النسوية بشكل يومي بما يقارب (150) متطوّعة في أيام الزيارة الاعتيادية، وفي الأيام المزدحمة كليالي الجُمع، فيصل عدد المتطوّعات إلى (175) متطوّعة، أمّا في مواسم الزيارات المليونية كالزيارة الشعبانية، ويوم عرفة، والأعياد، وزيارة الأربعين، فيتراوح العدد بين (250-750) متطوّعة بحسب عدد الزائرات. ـ هل يوجد تنسيق بين شعبتكم والشُعب النسوية الأخرى في بعض النشاطات؟ نعم، لدينا تنسيق مع جميع الشُعب النسوية، منها شعبة التوجيه الديني النسوي في برنامج (لأبي الفضل أنتمي) الذي يضمّ عدّة دورات لملاكات شعبة الزينبيات، منها في الجانب العقائدي، إذ يقدّم ملاك شعبة التوجيه الديني النسوي المحاضرات بشكل أسبوعي، وكذلك برنامج (على خُطاكَ يا مولاي)، وهناك تنسيق مع مركز الثقافة الأسرية الذي قدّم عدّة محاضرات بشكل أسبوعي لملاك شعبة الزينبيات من قِبل الدكتورة شيماء ناصر، والدكتورة مريم عبد الحسين، وكانت المحاضرات في مواضيع مختلفة، منها النفسي، والفكري بهدف تنمية قدرة المنتسبات على التحمّل والصبر، وامتصاص غضب الطرف الآخر في بعض المواقف، فضلًا عن مشاركة الزينبيات في الكثير من الدورات التي يقدّمها مكتب المتولّي الشرعي للشؤون النسوية، كدورة الإتيكيت الوظيفي، والإسعافات الأولية. ـ كيف تكون استعداداتكم للزيارات المليونية؟ نسعى إلى تقديم أفضل الخدمات وأرقاها إلى الزائرات الكريمات، منها تهيئة الأماكن المخصّصة لاستراحتهنَّ، وإعداد خطّة منظّمة تشمل تقسيم بعض مساحات الصحن الشريف إلى ممرّات تؤدّي إلى الضريح المبارك لتسهيل وصول الزائرات وإتمام زيارتهنَّ من دون عوائق، وكذلك نقدّم الخدمات عَبر (وحدة النذور والهدايا) لتسهيل أمور الزائرات في حال كان لديهنَّ نذر، فتقوم هذه الوحدة باستلامه وتتكفّل بإيصاله إلى الضريح المطهّر لأبي الفضل العبّاس (عليه السلام). ومن الزيارات المليونية نذكر زيارة اليوم الثالث عشر من محرّم الحرام التي نُظّمت بإشراف مباشر من إدارة العتبة العبّاسية المقدّسة، وبمشاركة فاعلة من مختلف الأقسام ذات العلاقة، فوُضعت خطّة متكاملة من النواحي الأمنية والخدمية، شملت التنسيق مع الأقسام المعنيّة؛ لتهيئة الأجواء المناسبة لاستقبال الزائرات الكريمات، وتوفير احتياجاتهنَّ كافة في هذه المناسبة الأليمة، وكان من ضمن الإجراءات التنظيمية غلق باب صاحب الزمان (عجّل الله فرجه الشريف)، مع فتح جميع أبواب الصحن الشريف لضمان انسيابية دخول المشاركات في مراسيم ذكرى دفن الأجساد الطاهرة وخروجهنَّ، مثلما خُصّصت أبواب محدّدة للدخول وأخرى للخروج، مع تشكيل طوق بشري من المتطوّعين لتنظيم حركة الزائرات الكريمات إلى جانب نشر ملاك (وحدة المتابعة الميدانية)، وتقديم الإسناد الميداني، وكذلك أشرفت شعبة الزينبيات على تنظيم المسيرة العزائية النسوية التي ينظّمها مكتب المتولّي الشرعي للشؤون النسوية للمنتسبات والمتطوّعات للخدمة في العتبة العبّاسية المقدّسة يوم الثالث عشر من المحرّم. ـ هل تساند شعبة الزينبيات الشُعب النسوية الأخرى في نشاطاتها والبرامج التي تقدّمها؟ نعم، تساند الشعبة سائر الشُعب النسوية، فعلى سبيل المثال لا الحصر نقوم بإسناد جميع البرامج والمجالس التي تقدّمها شعبة التوجيه الديني النسوي من حيث تهيئة المكان وترتيبه وتهيئة الخدمات للزائرات كافة، فضلًا عن المساندة في استقبال الوفود من خارج العتبة المقدّسة ومن الشُعب النسوية الأخرى، وكذلك نقوم بالإسناد في حفلات التخرّج المركزية، وحفلات تكليف الورود الفاطمية، ومهرجانات روح النبوّة الثقافية، وغير ذلك. ـ ما الخدمات التي تقدّمها شعبتكم لطلبة المراحل المنتهية في أوقات الامتحانات؟ تحرص شعبتنا على توفير أجواء دراسية مثالية للطالبات، مع توفير كلّ ما يلزمهنَّ في حائر الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) الكائن في الصحن العبّاسي الشريف، وجاءت الفكرة بعد مشاهدة معاناة الطالبات وهنَّ يحاولنَ الدراسة وَسط زحام الزائرات، فبدعم من مديرة مكتب المتولّي الشرعي للشؤون النسوية، وبمساندة (وحدة الخدمة التشريفية)، و(وحدة الأبواب)، قمنا بفتح باب الحائر أمام الطالبات من الساعة (7) صباحًا حتى الساعة (7) مساءً، فضلًا عن تقديم الضيافة لهنَّ بشكل يومي، ومن الجدير بالذكر أنّه لم يقتصر الاستقبال وتقديم الخدمات على طالبات المراحل المنتهية فقط، بل شمل طالبات الجامعات بأقسامها المتنوّعة كالصيدلة، وطبّ الأسنان، والإدارة والاقتصاد، وسواهنَّ ممّن قصدنَ رحاب قمر العشيرة (عليه السلام) من أجل التشرّف بزيارته أولًا، ثم الاستعداد لأداء الامتحانات النهائية من جوار قبره الشريف. ـ ماذا يعني لكم عنوان (الزينبيات)؟ وما هديتكم لكلّ (زينبية)؟ لقب الـ(زينبيات) يرمز إلى اسم سيّدتي ومولاتي بطلة كربلاء زينب الكبرى (عليها السلام)، فيجب أنْ تكون المنتسبة التي يُطلق عليها (زينبية) مقتدية بالسيّدة زينب (عليها السلام) في الأمور كافة، من حيث الحشمة، والتديّن، والأخلاق، والمعاملة، أمّا الشقّ الآخر من السؤال، فأهدي كلّ زينبية زهرةَ محبّة، وتذكيرًا بفضيلة العمل، مستشهدةً بقوله تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ (التوبة:105). إنّ (شُعبة الزينبيات) من الشُعب النسوية المتميّزة في عملها في العتبة العبّاسية المقدّسة، إذ تقدّم خدماتها للزائرات الكريمات بإخلاص ومحبّة، فبفضل جهود منتسباتها، ومتطوّعاتها، تسهم الشُعبة في تعزيز تجربة الزيارة وتوفير بيئة آمنة ومريحة للزائرات، ولا يقتصر عمل الشُعبة على تقديم الخدمات الإنسانية، بل هو تجسيد لقيم العطاء التي تستمدّها من صاحبة الاسم الشريف وأخيها الذي تُهدى لمقامه هذه الخدمات، متحلّية بالصمود، والإرادة، والخدمة.