رياض الزهراء العدد 79 مناهل ثقافية
حِبَّ لأخِيكَ ما تُحِبُّ لنَفسِكَ
لم يكن يملك من المال الكثير سوى مبلغ قليل حصل عليه مكافأةً على اجتهاده في عمله، فذهب لشراء بعض الحاجات لأسرته وهو يشعر بالسعادة؛ لأنه سيرى ثمرة ذلك التعب والاجتهاد في العمل.. صعد في سيارة الأجرة وهو يفكر في تلك الأشياء التي سيشتريها ومن أين ..؟ رنّ هاتف السائق، نعم وعليكم السلام أجاب السائق، كلا لم أستطع أن أجمع المال إلى الآن.. ما الذي أفعله (تغيّرت نبرة صوته) ليس بيدي حيلة، ولم يبقَ شيء في بيتي لم يحترق حتى أبيعه، أرجوك أمهلني القليل من الوقت وسأكمل المبلغ المطلوب. أغلق السائق جهاز الهاتف وعمّ السكوت للحظات بين كلمات السائق وأفكار الرجل، فقال الرجل للسائق: خيراً ما الأمر؟ أجابه السائق: لقد احترق بيتي جرّاء التماس كهربائي، وأحرق كلّ شيء حتى ابنتي الصغيرة التي رزقني الله بها على كبر سنّي هي الآن في المشفى، ونحتاج إلى إجراء عملية، ولا يمكنني أن انتظر أكثر؛ لأن حالتها سيئة ونقلتها إلى مشفى خاص؛ لإجراء العملية وتكاليفها باهظة الثمن.. سكت السائق وتعابير الحزن والألم بادية على وجهه، أمّا الرجل فلم يستطع أن يغضّ النظر عن أحزان السائق، ودون أيّ مقدمات قال الرجل للسائق: لا تقلق ستتعافى ابنتك بإذن الله تعالى، خذْ يا أخي هذا المال واذهب مسرعاً لابنتك الصغيرة.. نظر السائق إلى الرجل ولم يستطع أن يتكلم، فلم يكن يعرف أهذا حلم أم حقيقة؟ فتساقطت دموعه كاللؤلؤ على لحيته البيضاء، أمّا الرجل فشعر بسعادة ليس لها مثيل، كيف لا؟ وهو يرى ثمرة تعبه واجتهاده في عمله، إنه أنقذ حياة طفلة صغيرة.. كم كان تصرّفه رائعاً.. وكم من الأجر والثواب ناله عند الله، ليس هذا فحسب، بل وأيّ شخص يسمع بقصته يحبّه ويحترمه؛ لأنه أحبّ غيره فأحبه الناس.