سفير الحجّة (عجّل الله تعالى فرجه)

ليلى عبّاس الحلال/ البحرين
عدد المشاهدات : 23

لم تغب رعاية صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) عن شيعته، يظلّلهم بحنانه ويرعاهم ويمدّ لهم يد الرحمة في غيبته الصغرى عبر سفرائه الأربعة. فكان السفير هو الجسر الممدود بين الإمام (عجّل الله فرجه) وبين شيعته، فهو حلقة الوصل ليتّصل الشيعي بالنور الإلهي الغائب عن الأنظار. فالسفارة اصطفاء إلهي، يتمّ تعيين السفراء من قبل الإمام المهديّ (عجّل الله فرجه الشريف) لورعهم وتقواهم وشدّة إيمانهم، فهم أمناء السرّ على صاحبهم. وها هو شهر جمادى الأولى يشهد ذكرى وفاة السفير الثاني (محمّد بن عثمان العمري)، الملقّب بـ(الخلّاني). كان يتستّر عن المخالفين عبر تجارته بالخلّ، وقد عرف بالسماحة والوداعة والخلق العالي، فهو خلّ وصديق لكلّ الناس، دامت سفارته للإمام المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف) (٤٠) سنة. يشهد له بوثاقته وعدالته قول الإمام المهديّ (عجّل الله فرجه الشريف): "وأمّا محمّد بن عثمان العمريّ فرضي الله عنه وعن أبيه من قبل فإنّه ثقتي وكتابه كتابي"(1). من ثقات الشيعة، والأطول مكثا في سفارته من بين السفراء الأربعة، عاصر الإمام الهادي والإمام العسكري (عليهما السلام)، واتّصل بزمن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف)، يشمّ منه رائحة الأطهار. هنيئا له إذ شملته دعوات الإمام الحجّة (عجّل الله فرجه الشريف) في توقيعه الذي جاء فيه: "الحمد لله، فإنّ الأنفس طيّبةٌ بمكانك وما جعله الله (عزّ وجلّ) فيك وعندك، أعانك الله وقوّاك وعضدك ووفّقك، وكان لك وليّا وحافظا وراعيا وكافيا ومعينا"(2). سفير وابن سفير اتّصل بنور الوجود، فكان نورا ينير للشيعة في عتمة الغياب، وبوصلة الحقّ لذلك التيه والحيرة في زمن الغيبة، واتّصل بالنور الأقدس فأتى لنا بشعاع من ذلك النور، فكان الواسطة لرواية دعاء (السمات) ووصول دعاء (الافتتاح) إلينا. دفن في بغداد في محلّة (الخلّاني)، فسلام على روحه الطاهرة التي احتضنت يتم الغيبة بالرحمة المهدوية، فكان ملاذا مهدويا آمنا لكلّ شيعي يريد وصال إمامه في زمن الغيبة الصغرى. ............................. (1) الغيبة للشيخ الطوسي: ج1، ص314. (2) الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي: ج3، ص1112.