رياض الزهراء العدد 224 رسالة المرأة
ضرورة انتباه الإنسان في فعله الاجتماعي إلى دوره في تكوين ظاهرة اجتماعيّة وتقييمها
يجب أن لا يقصر الإنسان نظره في الفعل الذي يصدر منه بمحضر الآخرين بنظرة شخصية من خلال قصده به ومنظوره منه في ذات نفسه وملاءمته لخصوصياته وفق تقديره، بل ينظر إليه بوصفه حدثا اجتماعيا له تبعات اجتماعية دخيلة في اعتبار الفعل حكيما ومقبولا أو لا، وهذه التبعات إنّما تظهر حيث ينظر إلى الفعل والسلوك بضمّه إلى أمثاله، وملاحظته بوصفه ظاهرة لها آثارها ولوازمها. فالسائق مثلا لا يقصد باسترساله في القيادة إيقاع الآخرين في الضرر، وقد لا يقع هذا الضرر فعلا، ولكنّ المشرّع لقانون المرور لن ينظر إلى فعل السائق بوصفه فعلا شخصيا، وإنّما ينظر إليه في ضمن ظاهرة بتتبّع مضاعفاتها من خلال رصد حوادث السير وآثارها المدمّرة المتمثلّة في الطرق والمستشفيات، من إراقة الدماء، وإزهاق النفوس، وهدر الأموال، وترمّل الأزواج وتيتّم الأطفال، وفقدان الأحبّة وانهيار العوائل. فلا يصحّ للسائق أن ينطلق في تبرير استرساله بعدم قصده للإضرار بأحد، وتقديره أنّ عمله لن يوجب صداما وأذى؛ لأنّ كلّ سائق هو كذلك، بل عليه إمّا أن يثق بالقانون والحكمة التي تبنى عليه، وإمّا أن يرتقي في تأمّله في الموضوع إلى مستوى الظاهرة وآثارها، وينظر إلى الموضوع من أفق عال(1). ......................... (1) رسالة المرأة في الحياة: ص 74- 75.