رياض الزهراء العدد 224 الملف التعليمي
النظافة في الصّغر: وعي يدوم مدى الحياة
تعدّ النظافة من الأساسيات التي يجب أن يراعيها الفرد، فهي مرآة شخصيته ودليل وعيه، وقد تختلف مظاهرها من شخص إلى آخر تبعًا للبيئة أو المنزل الذي نشأ فيه، وفي المدرسة يمكن ملاحظة هذا الاختلاف بوضوح، فهناك من ترافقه الرائحة الطيّبة والاهتمام بمظهره في كلّ مكان، ومع بداية العام الدراسي تبدأ الأمّ عادةً بتجهيز الأبناء بمختلف الملابس ووسائل الدراسة، لكن مع كثرة حركة الأطفال في المدرسة ولعبهم تتعرّض الملابس للتلف، ويحتاج الطفل أو الطالب بعد يوم طويل من اللعب إلى الاستحمام والنظافة الشخصية؛ لغرس أسس النظافة الشخصية في نفس الطفل منذ وقت مبكّر، فهذا البناء مهمّ جدًا، إذ إنّ اهتمام الأمّ بنظافة طفلها ينعكس مباشرةً في مظهره وملابسه ورائحته، حتى في طريقة ترتيبه لكتبه وحقيبته، فضلًا عن اصطحاب بعض التلاميذ لوسائل النظافة الشخصية معهم. ومن هنا تبرز أهمّية التعاون بين الأسرة والمدرسة في غرس هذه العادات، فالأسرة هي المحطّة الأولى لتعليم الطفل أساسيات النظافة، وذلك عن طريق تعويده على غسل يديه قبل الأكل وبعده، وتنظيف الأسنان بانتظام، والاهتمام بالاستحمام وارتداء الملابس النظيفة، والأهّم من ذلك أن يكون الوالدان قدوة عملية له؛ لأنّ الطفل يتأثّر بما يراه أكثر ممّا يسمعه، مثلما أنّ إشراكه في ترتيب سريره أو تنظيم أدواته الشخصية والمساعدة في أعمال البيت سواء كان بنتًا أو صبيًا، يعزّز من شعوره بالمسؤولية. وفي المدرسة يأتي دور المعلّم مكمّلًا لهذا الجهد، فهو يرسّخ هذه المفاهيم في نفوس التلاميذ عن طريق التشجيع المستمرّ، فيحثّهم على غسل أيديهم بعد اللعب، ويشجّعهم على الاهتمام بكتبهم وحقائبهم ومظهرهم العام، ويمكن للمعلّم أن يخصّص أنشطة ومسابقات تجعل فكرة النظافة ممتعة وقريبة إلى نفوس الأطفال، مثلما أنّ الثناء على الطالب النظيف أو مكافأته بشكل رمزي، يزرع في ذهنه أنّ الاهتمام بنفسه قيمة تستحقّ التقدير ويحفّز أقرانه على العناية بأنفسهم، وبذلك يصبح الطفل محاطًا بدائرة دعم متكاملة: في البيت يتلقّى التوجيه والتدريب العملي، وفي المدرسة يجد المتابعة والتشجيع، ومع مرور الوقت يكبر لديه الوعي بأنّ النظافة ليست مجرّد عادة عابرة أو أمرًا شكليًا، بل هي أسلوب حياة يحافظ على صحّته، ويزيد من ثقته بنفسه، ويجعله قدوة إيجابية بين أقرانه وزملائه.