فن الإتقان

(الإتقان): إحكام الشيء، وأتقن الشيء: أي أحكمه، ورجل تقن: أي متقن للأشياء، حاذق(1). و(الإتقان) في المفهوم الإسلامي ليس هدفًا سلوكيًا فحسب، بل هو ظاهرة حضارية تؤدّي إلى رقيّ الجنس البشري، وعليه تقوم الحضارات، ويعمر الكون، وتثرى الحياة، وهو هدف من أهداف الدين يسمو به المسلم ويرقى به إلى مرضاة الله تعالى، والإخلاص له؛ لأنّه سبحانه لا يقبل من العمل إلّا ما كان خالصًا لوجهه الكريم، وإخلاص العمل لا يكون إلّا بإتقانه(2). فالإتقان سمة أساسية مطلوبة من المسلم، يربّيها الإسلام فيه، ولها دور مهمّ في تغيير سلوكه ونشاطه وحياته، وهو مطالب بالإتقان في كلّ عمل تعبّدي أو سلوكي أو معاشي؛ لأنّ كلّ عمل يقوم به المسلم بنيّة العبادة يثاب عليه بالأجر والحسنات. مثلما أنّ الإتقان من صفات الله تعالى، فهو من أتقن الأشياء كافة، وأبدع خلق جميع ما صنعه، إذ قال (عزّ وجلّ) في كتابه العزيز: )صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبيرٌ بما تفعلون( (النمل:88) ومن الآيات التي يحثّنا الله سبحانه فيها على إتقان العمل قوله تعالى: )وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة ((التوبة:105). وممّا ورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): "إذا عمل أحدكم عملًا فليتقن"(3)، والمراد من العمل ما هو أعمّ من المهنة، بل يشمل كلّ فعل يقوم به الإنسان، سواء كان عباديًا أو اجتماعيًا، ولعلّ من أهمّ أسباب تأخّر بعض المجتمعات هو افتقادها لسمة الإتقان بوصفها ظاهرة سلوكية وعلمية في الأفراد والجماعات، وانتشار الصفات المناقضة للإتقان مثل: التسيّب، وفقدان النظام، وعدم المبالاة بقيمة الوقت، واختفاء الإحساس الجمعي، والإهمال، والغشّ، والخديعة. ويتمثّل الإتقان بعدّة أمور يجب مراعاتها لمن يحبّ أن تغلب صفة الإتقان على أعماله، منها: 1- الانضباط، وبذل الجهد، والمثابرة، والعمل الدؤوب، تساعد في الوصول إلى الإتقان. 2- المبادرة إلى مساعدة الآخرين في إنجاز مهامّهم تقوّي من العلاقات، وتعدّ وسيلة للتدريب، والاحتراف، وكذلك بملاحظاتهم والعمل على تطبيقها من أجل الوصول إلى الإتقان. 3- تحديد الأولويات وإنجاز المهامّ من الأصغر إلى الأكبر، مثلما ينصح بعدم إنجاز عدّة مهامّ في وقت واحد؛ إذ تشير الدراسات إلى أنّ الأشخاص الذين يقومون بعدّة مهامّ في الوقت نفسه قد يفقدون قدرتهم على التركيز، ممّا يقلّل من نسبة إتقان العمل وجودته. ..................................... (1) لسان العرب: ج2، ص130. (2) شبكة النبأ المعلوماتية, (عليها السلام)ttps://anna(عليهم السلام)aa.org (3) ميزان الحكمة: ج3، ص2132.