بنات الكفيلِ: قصة نجاح تتلألأ في سماء كربلاء
في النسخة الأولى من حفل تخرّج (بنات الكفيل) يوم أطلقتها العتبة العبّاسية المقدّسة في عام (2019م) كانت تضمّ (429) طالبة جامعية، فكانت رسالة العتبة هو أنْ تحتفي الطالبة الجامعية بتخرّجها بكلّ احترام واحتشام وَسط أجواء دينية أخلاقية تجسّد الروح الإيمانية والوطنية والإنسانية لخلق أنموذج يجسّد القدوة في شخصية طالبات الجامعات العراقية وهنَّ يتهيّئنَ لختم المسيرة العلمية ببداية حياة عملية، مثلما يمثّل الحفل التقاءً ثقافيًا بين الشعوب العربية وغيرها تحت خيمة الساقي أبي الفضل العبّاس (عليه السلام). حصاد حفل التخرّج المركزي لطالبات الجامعات العراقية والدول الإسلامية الدفعة التاسعة للعام (2024ـ2025م) شاركت أكثر من (5000) طالبة من (14) محافظة عراقية، إضافة إلى (231) طالبة من (7) دول إسلامية هي: الكويت، سلطنة عمان، البحرين، السعودية، إيران، باكستان، لبنان في مشهد علمي وروحي يعكس مكانة العتبة في دعم التعليم النسوي وترسيخ الهوية الإسلامية الأصيلة، إذ نظّمت الحفل شعبة مدارس الكفيل الدينية النسوية التابعة لمكتب المتولّي الشرعي للشؤون النسوية في العتبة العبّاسية المقدّسة تحت شعار (من نور فاطمة –عليها السلام-نضيء العالم)، تأكيدًا لرسالة العلم المحفوف بالقيم الإيمانية المستمدّة من سيرة سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام). واستُهلّ الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، أعقبتها فقرة ترحيبية قدمتها براعم مشروع "براعم الكفيل"، ثم كلمة مسؤولة الشعبة السيّدة بشرى الكناني، التي رحّبت بالخرّيجات وباركت تفوّقهنَّ، وممّا جاء في كلمتها: "حفل تخرّج بنات الكفيل يرسل رسالة للذكرى أنّ المرأة تستطيع أنْ تحتفي بتخرّجها في ضمن الأطر الشرعية، وأنّ الحجاب لا يكون عائقًا لها، لا في المناسبات المختلفة ولا في احتفالاتها، وما أجمل أنْ يمتزج العلم بالقيم الدينية؛ لينتج لنا أجيالًا تسهم في بناء مجتمع واعٍ". وألقت الشاعرة اعتدال درويش من سلطنة عمان قصيدة بعنوان "بنات الكفيل" عبّرت فيها عن الفخر بالعلم والهوية، مثلما قدّمت مجموعة من الخرّيجات عرضًا تمثيليًا بعنوان "على خارطة النور" جسّد تجربة الطالبات في طلب العلم والالتزام بالقيم. أداء قَسَم التخرّج وعهد الولاء بين يدي المولى أبي الفضل العبّاس (عليه السلام): في مشهد مهيب عند باب قبلة مرقد المولى أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) ردّدت آلاف الطالبات قَسم التخرّج وعهد الولاء للوطن والمرجعية بحضور شخصيات دينية وأكاديمية رفيعة المستوى، وألقى نص القَسَم عضو مجلس إدارة العتبة العبّاسية المقدّسة الدكتور عبّاس الدده الموسوي، الذي تضمّن كلمات الولاء للعراق وللمرجعية العليا المتمثّلة بسماحة آية الله السيّد عليّ الحسيني السيستاني (دام ظلّه الوارف)، والتعهّد بخدمة الإنسان والمجتمع وصون الأمانة العلمية. وجاء في نصّ القَسم: "أقسم بالله العظيم أنْ أراقب الله في مهنتي، وأكون من وسائل رحمته، وأنْ أخدم بلدي، وأقدّس حياة الإنسان، وأسخّر علمي لنفع البشرية، وأكون صادقة في سرّي وعلانيتي، والله على ما أقول شهيد". رمزية العباءة الفاطمية وهوية المرأة المسلمة: شكّلت الطالبات المشاركات لوحة رمزية جسّدت كلمتيْ (نور وعفّة) بطريقة فنّية عَبر جلوسهنَّ المنتظم عند باب القبلة في إشارة إلى مكانة العباءة الفاطمية بوصفها رمزًا للعفّة والهوية الإسلامية. وقال الأمين العام للعتبة العبّاسية المقدّسة السيّد مصطفى آل ضياء الدين: "إنّ العباءة تمثّل عنوان الحياء والكرامة، وهي تجسيد لانتمائنا الثقافي والديني الراسخ". انطباعات الخرّيجات: أعربت الخرّيجات عن امتنانهنَّ للعتبة العبّاسية المقدّسة على رعايتها للحفل وما حمله من بُعد روحي وتربوي. فقالت الخرّيجة زهراء حامد من محافظة صلاح الدين: هذا التخرّج يمثّل تجربة روحية تعزّز من الثبات على القيم الإسلامية. وأضافت تقوى العجمي من سلطنة عمان: تخرّجنا في رحاب المولى أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) منحنا شعورًا بالانتماء والقداسة. أمّا فاطمة بومجداد من الكويت فقالت: الحفل جسّد التقاء العلم بالعقيدة تحت راية الزهراء (عليها السلام). وأكّدت الخريجة حوراء آل خيري من السعودية أنّ الحجاب والعفّة مصدرا قوة وليسا عائقين أمام النجاح. رؤساء الجامعات العراقية: برامج العتبة ترسّخ الهوية وتنهض بالمجتمع أشاد عدد من رؤساء الجامعات العراقية بدور العتبة العبّاسية المقدّسة في دعم التعليم النسوي مؤكّدين أنّ حفل تخرّج (بنات الكفيل) تجربة رائدة في تعزيز قيم العلم والعفاف. وقال رئيس الجامعة التقنية الجنوبية الدكتور عدنان عبد الله عتيق: "إنّ العتبة العبّاسية المقدّسة تُعدّ منارةً للعطاء والإيمان، وشريكًا فاعلًا في بناء الوعي وتحصين الشباب بالفكر الأصيل". مثلما أكّد رئيس جامعة ميسان الدكتور عادل مانع أنّ "العتبة تقدّم الطالبة الجامعية بوصفها أنموذجًا للفتاة القائدة، والمرأة الفاعلة في التنمية المجتمعية". الختام: تكريم العلم والعفاف معًا: اختتمت العتبة العبّاسية المقدّسة فعّاليات حفل التخرّج المركزي لطالبات الجامعات العراقية والإسلامية دفعة (بنات الكفيل التاسعة) في مجموعة العميد التربوية، بحضور المتولّي الشرعي سماحة السيّد أحمد الصافي، والأمين العام السيّد مصطفى آل ضياء الدين، ونخبة من الشخصيات الأكاديمية والدينية، إلى جانب عوائل الشهداء. تضمّن حفل الختام كلمات لعدد من الشخصيات، منها كلمة أستاذ الحوزة العلمية في النجف الأشرف السيّد محمّد حسين العميدي التي أكّد فيها أنّ "المرأة المتعلّمة في نهج الإسلام هي ركيزة مهمّة في صناعة الوعي المجتمعي". مثلما عرض في الحفل فيلمان توثيقيان بعنوان (بنات العقيلة) الذي يوثّق لحفلات التخرّج في سلطنة عمان، و(طوعة العصر) الذي يجسّد مسيرة المرأة العراقية في طلب العلم وخدمة المجتمع. واختُتمت الفعّاليات بتكريم عوائل الشهداء تقديرًا لتضحياتهم وتضحيات أبنائهم الجليلة في سبيل الوطن والدين.