الزِّيارَةُ_ أهدافها

إيمان حسون كاظم
عدد المشاهدات : 202

إنّ الزيارة لها معانٍ وأهداف في ظاهرها وباطنها وألفاظها، زيادةً على معطياتها ونتائجها، إنّ المؤمن في حياته بحاجة ماسّة إلى مقومات سلوكه وأعماله وتوجيهه، فينبغي عليه إنشاء علاقة وارتباط بينه وبين الأنبيّاء والأئمة المعصومين (عليهم السلام)؛ لتكون هذه العلاقة فاتحة مسيرة حياته الدنيويّة نحو الله (سبحانه وتعالى) وقوامها، كما رُوي عن الإمام علي بن محمّد (عليه السلام) في زيارة الجامعة الكبيرة: “..أراد الله بدأ بكم، ومن وحده قبل عنكم، ومن قصده توجّه بكم..”.(1) وذلك نتيجة الفيض الذي يقتبسه الزائر من أنوار الشخصيّة القدسيّة المزورة ذات الصفات الإلهيّة الرفيعة، فيُضاء قلبه وتُستأصل الظلمات من صفحات قلبه، وفي الوقت نفسه يهيّئ لنفسه أرضيّة ظهور الأخلاق والصفات الحسنة وترسيخها، وهذا يُمثّل أقرب طرق الوفود على الله (سبحانه وتعالى) باتّباعه المنهجيّة الخاصّة لسلوكه التي رسمها له الرسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله) حين قال: “إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا أبدا”(2)، فمن أعظم طرق التمسّك بالكتاب والعترة الزيارة وضرورة المداومة عليها، وإتيانها بين الحين والآخر؛ لجلي الحجب والظلمات التي ترد على القلب من جرّاء الذنوب والمعاصي التي يرتكبها الإنسان في حياته وصقلها، فالإنسان بطبعه معرض للزيغ والانحراف عن جادة الحق والصواب، فلابدّ له من واقٍ يقيه من مهاوي الهلكات، وتوارد الظلمات، وذلك يحصل في زيارة المؤمن المدرك العارف لأئمّة الدين وقادته الشرعيين، قاصداً بزيارته القربى والزلفى من الله (سبحانه وتعالى)، وليس همّه في الزيارة قضاء مصلحة شخصيّة دنيويّة، رُوي عن الإمام عليّ (عليه السلام): “كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) إذا سُئل شيئاً فإذا أراد أن يفعله قال: نعم، وإذا أراد أن لا يفعل سكت، وكان لا يقول لشيء: لا، فأتاه أعرابي فسأله فسكت، ثم سأله فسكت، فقال (صلى الله عليه وآله): ما شئت يا أعرابي؟ فقلنا: الآن يسأله الجنة، فقال الأعرابي: أسألك ناقة ورحالها وزاداً، قال (صلى الله عليه وآله): لك ذلك، ثم قال (صلى الله عليه وآله): كم بين مسألة الأعرابي وعجوز بني إسرائيل؟ ثم قال (صلى الله عليه وآله): إنّ موسى لما أُمر أن يقطع البحر فانتهى إليه وضربته وجوه الدواب رجعت، فقال موسى (عليه السلام): يا رب مالي؟ قال تعالى: (يا موسى إنك عند قبر يوسف (عليه السلام) فاحمل عظامه وقد استوى القبر بالأرض)، فسأل موسى قومه هل يدري أحد منكم أين هو؟ قالوا: عجوز لعلّها تعلم، فقال (عليه السلام) لها: هل تعلمين؟ قالت: نعم، قال (عليه السلام): فدلينا، قالت: لا والله حتى تعطيني ما أسألك. قال (عليه السلام): ذلك لكِ، قالت فإني أسألك أن أكون معك في الدرجة التي تكون في الجنّة، قال (عليه السلام): سلي الجنّة، قالت: لا والله إلّا أن أكون معك، فجعل موسى يراود فأوحى الله تعالى إليه أن أعطها ذلك، فإنها لا تنقصك شيئاً، فأعطاها ودلّته على القبر”.(3) قد نُعيب على الأعرابي أنه طلب الدنيا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والواقع أنّ الكثير منّا يذهب إلى زيارة المعصومين (عليهم السلام) ولا يطلبون سوى أمور الدنيا حتى قبل التوجّه بالسلام على صاحب المقام. .............................. (1) مستدرك الوسائل: ج10، ص423. (2) مستدرك سفينة البحار: ج1، ص508. (3) شواهد المبلغين: ص412.