جُذوَةُ عَطَاءٍ
لم يُعقها الدخول في القفص الذهبي مبكراً الذي زيّنته بوجودها عن مواصلة التعلّم ولم يخمد جذوة حبّ العلم والتعلّم لديها، بل ساعدها الاستقرار الأسري والإرادة القويّة التي تمتلكها على أن تكون لديها رؤية وهدف لمستقبلها، فأصرّت على الارتقاء بسلّم التعليم لتحصل على شهادة البكالوريوس على الرغم من وجود زوج وثلاثة أطفال في حياتها, ولم تكتفِ بذلك فكلّلت نجاحها بشهادة الماجستير مع استمرار عملها الدؤوب في منظمات المجتمع المدني، فكانت تشغل منصب مديرة مكتب تنمية المرآة والطفل في المنتدى العربي في الأعوام (2005 - 2013)م, وأضحت طوق نجاة وبلسم جراح للكثير من يتامى كربلاء, إذ حرصت على خدمتهم وإسداء العون لهم بانتمائها إلى منظمة الإغاثة الإسلاميّة الدوليّة، فأصبحت مسؤولة عن إيصال المعونات لمائة وخمسين عائلة من الأيتام، إنها الست ظلال فائق الزبيدي التي كان لنا معها هذا اللقاء: ما هو سرّ نجاحك على الرغم من اختلاف أنشطتك سواء في الأسرة أم في العمل أم في الدراسة؟ يحتاج أيّ شخص يصبو إلى مستقبل زاهر إلى أن يعمد إلى تقسيم وقته بطريقة صحيحة ومدروسة، وأن لا يحدث تزاحم في عمل على حساب عمل آخر، والأهم من ذلك كلّه التوفيق الإلهي الذي ينعم به المخلوق من الخالق، ودائماً أضع أولويات لعملي، فأنا أحرص دائماً على أن تكون أسرتي سعيدة أولاً، وأن أرسم ابتسامة على وجه اليتامى ثانياً، فسعادتي في إسعادهم، وأتمنى أن يكون عملي هذا ثمرة اقتطفها في الحياة الآخرة، والاهتمام بالدراسة ثالثاً. سمعنا بأنك من الأشخاص الذين ساهموا في تأسيس المنتدى العربي؟ الحقيقة أن زوجي (د. ماهر) تمكن في عام 2005م من الحصول على تصريح من منظمة (njo) بتأسيس المنتدى، ولقد رافقته في مشواره، فنحن أول من نوّه إلى الناس بعلم التنمية البشريّة في كربلاء, ولقد نجح المنتدى في استقطاب الكثير من شرائح المجتمع المختلفة، وقدّمنا فيه دورات للأطباء والمعلمين والمهندسين وحتى قيادة عمليّات كربلاء، فكنّا من السّباقين في هذا المجال باعتبارنا حاصلين على شهادة (مدرب دولي) من (tot)، وكان من ثمار المنتدى تأسيس مؤسّسة الصادق الأمين عام 2006م والتي تُعنى بالأيتام. كيف يتمّ الإعلان عن الدورات التي تُقام في المنتدى؟ يتمّ الإعلان عن طريق وسائل الاتصال الحديثة عبر الانترنيت وأمّا في بداية تأسيس المنتدى كنّا نعتمد على الأشخاص الذين ينتمون إليه في الإعلان عن الدورات عن طريق الأماكن التي يتواجدون فيها. ما هو العمل الذي تشغلينه الآن؟ أعمل حالياً مندوبة لمنظمة الإغاثة الإسلاميّة، وهي منظمة دوليّة مكتبها الرئيسي في لندن، ولها فروع في مختلف أنحاء العالم، وترعى عوائل اليتامى وشريحة الأرامل، إذ نقيم العديد من الدورات للنساء الأرامل لتدريبهن على كيفية التعامل مع أولادهن خصوصاً فئة المراهقين، كما نوضح لهم أهمية تعويض وجود الأب في حياتهم، وبالمقابل نقيم أيضاً دورات للأيتام وندربهم فيها على كيفية الدراسة بطريقة صحيحة, كما نقوم باحتفاليات عديدة منها الاحتفال بيوم اليتيم، ويوم المولد النبويّ الشريف، ونقدّم من خلالها المساعدات للأرامل واليتامى, كما توجد رواتب شهريّة تقدّم لهم، وكذلك صلة رمضان التي تحتوي على مساعدات غذائيّة وكسوة ملابس صيفيّة وشتويّة، فضلاً عن كسوة العيد، كما نحرص على توفير البطانيات في فصل الشتاء. حاولنا في لقائنا مع الأخت ظلال الزبيدي أن نقدّم لمجتمعنا أنموذجاً للمرأة الطموحة، والتي جعلت من الزواج والاستقرار الأسري منطلقاً لتحقيق أهدافها، فكسرت بتصميمها قيود الرتابة والركون إلى الراحة وسهرت الليالي لتحقيق حلمها في توعية نفسها أولاً، وإرشاد المجتمع ثانياً عن طريق دوراتها المتميزة في التنمية البشريّة، فكانت كالنحلة تعمل بصمت وإرادة، وتُؤثر راحة اليتامى على راحة نفسها، وأثبتت أن الزواج المبكر للفتيات ليس عائقاً أمام تحصيل العلم والمعرفة، وأن المرأة قادرة على العطاء وهي محتفظة بأنوثتها وحشمتها والتزامها الديني.